امتدادها يعني - كما عرفنا - امتداد الموضوعية في القصد والشعور الداخلي بالمسؤولية في التصرف ، والقدرة على تجاوز الذات وانسجام الانسان مع إطاره الكوني الشامل مع الأزل والأبد اللذين يحيطان به . ومن هنا جاءت الشريعة ووزعت العبادات على مختلف حقول الحياة وحثت على الممارسة العبادية في كل تصرف صالح ، وأفهمت الانسان بأن الفارق بين المسجد الذي هو بيت الله وبين بيت الانسان ليس بنوعية البناء أو الشعار ، وانما استحق المسجد ان يكون بيت الله لأنه الساحة التي يمارس عليها الانسان عملا يتجاوز فيه ذاته ويقصد به هدفا أكبر من منطق المنافع المادية المحدودة ، وان هذه الساحة ينبغي ان تمتد وتشمل كل مسرح الحياة ، وكل ساحة يعمل عليها الانسان عملا يتجاوز فيه ذاته ويقصد به ربه والناس أجمعين فهي تحمل روح المسجد . واما الاتجاه الثاني الذي يحصر الحياة في إطار ضيق من العبادة فقد حاول ان يحصر الانسان في المسجد ، بدلا عن أن يمدد معنى المسجد ليشمل كل الساحة التي تشهد عملا صالحا لانسان . ويؤمن هذا الاتجاه بأن الانسان يعيش تناقضا داخليا بين روحه وجسده ولا يتكامل في أحد هذين الجانبين إلا على حساب الجانب الآخر ، فلكي ينمو ويزكو روحيا يجب ان يحرم جسده من الطيبات ، ويقلص وجوده على مسرح الحياة ، ويمارس صراعا مستمرا ضد رغباته وتطلعاته إلى مختلف ميادين الحياة ، حتى يتم له الانتصار عليها جميعا عن طريق الكف المستمر والحرمان الطويل ، والممارسات العبادية المحددة . والشريعة الاسلامية ترفض هذا الاتجاه أيضا لأنها تريد العبادات من اجل الحياة ، فلا يمكن ان تصادر الحياة من اجل العبادات . وهي في الوقت نفسه تحرص على أن يكب الانسان الصالح روح العبادة في كل