نام کتاب : شرح ابن عقيل نویسنده : ابن عقيل الهمداني جلد : 1 صفحه : 489
يقول : إذا انحصر الفاعل أو المفعول ب " إلا " أو ب " إنما " وجب تأخيره ، وقد يتقدم المحصور من الفاعل أو المفعول على غير المحصور ، إذا ظهر المحصور من غيره ، وذلك كما إذا كان الحصر ب " إلا " فأما إذا كان الحصر ب " إنما " فإنه لا يجوز تقديم المحصور ، إذ لا يظهر كونه محصورا إلا بتأخيره ، بخلاف المحصور ب " إلا " فإنه يعرف بكونه واقعا بعد " إلا " ، فلا فرق بين أن يتقدم أو يتأخر . فمثال الفاعل المحصور ب " إنما " قولك : " إنما ضرب عمرا زيد " ومثال المفعول المحصور بإنما " إنما ضرب زيد عمرا " ومثال الفاعل المحصور ب " إلا " " ما ضرب عمرا إلا زيد " ومثال المفعول المحصور بإلا " ما ضرب زيد إلا عمرا " ومثال تقدم الفاعل المحصور ب " إلا " قولك : " ما ضرب إلا عمرو زيدا " ومنه قوله : 147 - فلم يدر إلا الله ما هيجت لنا عشية آناء الديار وشامها .
147 - هذا البيت من الشواهد التي لم ينسبها أحد ممن احتج به من أئمة النحو ، وهو من شواهد سيبويه ( 1 - 270 ) وقد عثرت بعد طويل البحث على أنه من قصيدة طويلة لذي الرمة غيلان بن عقبة ، وأولها قوله : مررنا على دار لمية مرة * وجاراتها ، قد كاد يعفو مقامها وبعده بيت الشاهد ، ثم بعده قوله : وقد زودت مي على النأي قلبه * علاقات حاجات طويل سقامها فأصبحت كالهيماء : لا الماء مبرد * صداها ، ولا يقضي عليها هيامها اللغة : " آناء " من الناس من يرويه بهمزة ممدودة كآبار وآرام ، ومنهم من يرويه بهمزة في أوله غير ممدودة وهمزة بعد النون ممدودة بوزن أعمال ، وقد جعله العيني جمع نأي - بفتح النون - ومعناه البعد ، وعندي أنه جمع نؤي - بزنة قفل أو صرد أو ذئب أو كلب وهو الحفيرة تحفر حول الخباء لتمنع عنه المطر . ويجوز أن تكون الهمزة في أوله ممدودة على أنه قدم الهمزة التي هي العين على النون فاجتمع في الجمع همزتان متجاورتان وثانيتهما ساكنة فقلبها ألفا من جنس حركة الأولى كما فعلوا بآبار وآرام جمع بئر ورئم . كما يجوز أن تكون المدة في الهمزة الثانية على الأصل . وقد جعله الشيخ خالد بكسر الهمزة الأولى على أنه مصدر بزنة الابعاد ومعناه ، وهو بعيد فلا تلتفت إليه " وشامها " ضبطه غير واحد بكسر الواو بزنة جبال على أنه جمع وشم ، وهو ما تجعله المرأة على ذراعها ونحوه : تغرز ذراعها بالإبرة ثم تحشوه بدخان الشحم . وليس ذلك بصواب أصلا . وقد تحرف الكلام عليهم فانطلقوا يخرجونه ويتمحلون له والواو مفتوحة ، وهي واو العطف ، والشام : جمع شامة ، وهي العلامة ، وشام : معطوف إما على آناء وإما على عشية على ما سنبينه لك في الاعراب . هذا ، ورواية الديوان هكذا : فلم يدر إلا الله ما هيجت لنا * أهلة آناء الديار وشامها المعنى : لا يعلم إلا الله تعالى مقدار ما هيجته فينا من كوامن الشوق هذه العشية التي قضيناها بجوار آثار دار المحبوبة . وعلامات هذه الدار ، الاعراب : " فلم " الفاء حرف عطف ، لم : حرف نفي وجزم وقلب " يدر " فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه حذف الياء " إلا " أداة استثناء ملغاة " الله " فاعل يدري " ما " اسم موصول مفعول به ليدري ، وجملة " هيجت " مع فاعله الآتي لا محل لها صلة الموصول " لنا " جار ومجرور متعلق بهيجت " عشية " يجوز أن يكون فاعل لهيجت ، وعيشة مضاف و " آناء " مضاف إليه ، وآناء مضاف ، و " الديار " مضاف إليه " وشامها " الواو حرف عطف ، وشام : معطوف على عشية إن جعلته فاعل هيجت ، وشام مضاف وضمير الغائبة العائد على الديار مضاف إليه ، ولا تلتفت لغير هذا من أعاريب ، ويجوز نصب عشية على الظرفية ، ويكون " آناء " فاعلا لهيجت ، ويكون قد حذف تنوين عشية للضرورة أو ألقى حركة الهمزة من آناء على تنوين عشية ثم حذف الهمزة ، ويكون " شامها " معطوفا على آناء الديار . الشاهد فيه : قوله " فلم يدر إلا الله ما - إلخ " حيث قدم الفاعل المحصور بإلا ، على المفعول ، وقد ذهب الكسائي إلى تجويز ذلك استشهادا بمثل هذا البيت ، والجمهور على أنه ممنوع ، وعندهم أن " ما " اسم موصول مفعول به لفعل محذوف . والتقدير : فلم يدر إلا الله ، درى ما هيجت لنا ، وسيذكر ذلك الشارح .
489
نام کتاب : شرح ابن عقيل نویسنده : ابن عقيل الهمداني جلد : 1 صفحه : 489