زجاجات القلوب وروح الأرواح . وهز معاطف الأعطاف ورنح أغصان الأشباح . وسر أسرار نفيس الأنس وشرح سطور الصدور . بنفائس عرائس حور المعاني المقصورات من الاعجاز في القصور . التي اقتعدت مقاعد الصدق من صدور تلك الدور . التي كل موضع مفرداتها ومركباتها من المنظوم والمنثور . لملوك معانيها العزيزة في مقاعد اعجاز العزيزة كلها صدور . فهي سماوات فضل دارت أفلاك فخرها بدراري أنوار فصلا لخطاب . وازدان رفيع منيع رقيمها بمصابيح السليقة العربية التي اختارها الله لأفضل نبي وأجل كتاب . فلا برحت قريحته السمحة السليمة عذيب بارق نصاح ينابيع الأدب . ولا انفكت مجلية تصلي وراها لواحق آداب من تأدب . وذلك أنها أخذت بجميع مجامع أحاسن أجناس القول وفصوله . ولم تدع نوعاً من محاسن الاحسان إلا وأحاطت بذاتيته وعرضيته ومقطوعه وموصوله . ولا غادرة بهيج زخرف بديع إلا وسحبت فواضل حبر حسنه في ميادين ايحاز الاعجاز وتطويله . محيطه بفنون الافتنان فلذلك انتظمت في أساليب الحسن . في كل فن منعمة بلطيف الادماج المسير بلطيف طرقه إلى استتباغ كل معنى حسن . لم تترك طريقاً من البلاغة إلا طرقته . ولا معنى من الفصاحة إلا خرقته . فلم تدع لمتكلم في قوس المعاني مترعاً . ولا أبقت لمنطيق في مواضع الاحسان موقعاً . فبماذا يجي من حاول الجواب لذلك القول الجامع . وقد أخذ من جميع طرق الاحسان بالمجامع . إلا عسى بالإغارة على ما حوته من اللفظ والمعنى . والقنوع بأنواع هنات السرقات ومن ذا بالسرقات استغنى . ولو شاء موشيها لترك للإجابة طريقه . ووسع لمخاطبه في الاشتفاء بمطارحته طريقه . فكم أردت ذلك فتبين بعد المناسبة بين بيانه وبياني . وكنت كلما حاولت ذلك يضيق صدري ولم ينطق به لساني . فلم أر في شرع البلاغة مجيزاً . لأن أقابل بحديد فكري من معدن ذهب منشيها ابريزاً . لكن لزوم الإجابة . أوجبها مع الإصابة وغير الإصابة . ولو اشترط استواء الابتدا والجواب في حسن المخاطبة . وأن لا يتفاوتا في كمال المناسبة . لما سمى رجع الصدا جواباً ولا عدت حركات الحواجب وغمزات الجفون بين الأحباب خطاباً لكن ذلك عجز لماء حوض ملىء سري سروراً به حتى قال قطني فلم أفزع منه على ما فاتني من الاحسان سنى . إذا كان عجزاً ممن يقول أنا منك وأنت مني وأقول له أنا أبوك وأنت ابني وإني لي بالشكر على ذلك وهو ممن يقول أنت شجري وأقول له أنت ثمري