أيام شرخ شبابي روضة أنف * ما ريع منه بروع الشيب ريعاني أيام غصني لدن من نضارته * أصبو إلى غير جاراتي وحاراتي ثم انقضت تلك السنون وأهلها * فكأنها وكأنهم أحلام لم يبق مني لمشتاق إذا ذكرا * إلاّ لواعج وجد تبعث الفكرا ولم يبق مني الشوق إلاّ تفكري * فلو شئت أن أبكي بكيت تفكرا لم أكن على مفارقة الأحباب جلداً . فأقول وهي تجلدي . وإنما وهي جلدي . مما حملت النوائب على كتدي . فتتت صرفة البين المشتت من أفلاذ كبدي جبرت من صرف دهري كل نائبة * أمر من فرقة الأحباب لم أجد فراقاً قضى أن لا تأسى بعد ما * مضي منجداً صبري وأوغلت متهما وفجعة بين مثل صرعة مالك * ويقبح بي أن لا أكون متمما خليلي إن لم تسعداني على البكا * فلا أنتما مني ولا أنا منكما وحسنتما لي سلوة وتناسيا * ولم تذكرا كيف السبيل إليهما آليت لا أفتح لسرور على قلبي المعنى باباً . ولا أعير طرفي قاصرات الطرف كواعب أتراباً . ولا أجيل نظري في رياض نضره . ولا أسرح فكري في الأخفار إلى حدائق خضره . ولا أحور إلى محاورة أنيس . ولا أحضر لمحاضرة جليس . ولو أنه الشيخ الرئيس . لأني لي أياماً من ذلك فعلت . وعلي أي واحد منهما لتنفيس الكرب عولت . تذكرت به عهد الأحبة فاعولت . وصدع الحنين والتذكار أعشار فؤادي فولولت . فما أطبى عيني مذ فارقتهم . شيء يروق الطرف من هذا الورى . إن كنت أبصرت لهم من بعدهم . مثلاً فأغضيت على وخز السفا . فعكفت همتي على مساورة الهموم . ومسامرة النجوم . والاتساء بشيخ كنعان . في اتخاذ بيت الأحزان . فحزني ما يعقوب بث أقله . وكل بلاء أيوب بعض بليتي . رحلت عن كعبة البطحاء والحرم . ونزلت بساحة قوم لا يدرون ما حماية الحرم . مثل من هو خارج من الأنوار إلى الظلم . ونقلت من جوار البيت وسدنته . إلى حيث خوار العجل وجوار عبدته . واستبدلت بالوقوف والركن والمقام . الفوف بين يدي عبدة الأصنام . وهجرت مهابط الوحي والتنزيل . ومتردد الروح الأمين جبريل . إلى مساقط أنداء الكفر والضلال . ومرابط الانعام والأفيال . وعوضت بالمشاعر الاسلامية حيث فرض الفروض والسنن . معتكف أقوام يجرون في رفض