القاضي جمال الدين بن محمد بن حسن وراز المكي جمال العلوم والمعارف . المتفيء ظل ظليلها الوارف . أشرقت بالفضل أقماره وشموسه . وزخر بالعلم عبابه وقاموسه . فدوخ صيته الأقطار . وطار ذكره في منابت الأرض واستطار . وتهادت أخباره الركبان . وظهر فضله في كل صقع وبان . وله الأدب الذي ما قام به مضطلع . ولا ظهر على مكنونه مطلع . استنزل عصم البلاغة من صياصيها . واستذل صعاب البراعة فسفع بنواصيها . إن نثر فما اللؤلؤ المنثور انفصم نظامه . أو نظم فما الدر المشهور نسقه نظامه . بخط يزدري بخط العذار إذا بقل . وتحسبه سائر الجوارح على مشاهدة حسنه المقل . ولما رحل إلى اليمن في دولة الروم . قام له رئيسها بما يحب ويروم . فولاه منصب القضا . وسطع نور أمله هناك وأضا . ولم يزل مجتلياً به وجوه أمانيه الحسان . مجتنياً من رياضه أزاهر المحاسن والاحسان . إلى أن انقضت مدة ذلك الأمير . ومني اليمن بعده بالافساد والتدمير . فانقلب إلى وطنه وأهله . فكابد حزن العيش بعد سهله . كما أنبأ بذلك قوله في بعض كتبه . ولما حصلت عائداً من اليمن . بعد وفاة المرحوم سنان باشا وانقضاء ذلك الزمن . أخثرت الإقامة في الوطن . بعد التشرف بمجلس القضاء في ذلك العطن . إلا إنه لم يحل لي التحلي عن تذكر ما كان في خزانة الخيال مرسوماً . وتفكر ما كان في لوح المفكرة موسوماً . فاخترت أن أكون مدرساً في البلد الحرام . وممارساً لما أذن غب الحصول بالانصرام . ولم يكن في البلد الأمين كفاية . ولا ما يقوم به الاتمام والوفايه . انتهى . وما زال مقيماً في وطنه وبلده . متدرعاً جلباب صبره وجلده . حتى انصرمت من العيش مدته . وتمت من الحياة عدته . وها أنا مثبت من بديع نثره . ما يذهب اللب حائراً في أثره . واتبعه من عالي شعره . ما يرخص الدر بغالي سعره . فمن نثره ما كتبه إلى بعض أصحابه من كتاب . ينهى المملوك إنه لا يزال ذاكراً لتلك الأيام الماضية . شاكراً لهاتيك الأعوام التي حلت بفضل مولانا ولا أقول مرت بمسرات لا تزال النفس لدينها متقاضيه كم أردنا هذا الزمان بذم * فشغلنا بمدح ذاك الزمان اقفر الصفا . من اخوان الصفا . وخلى الحطيم . من رضيع الأدب والفطيم . وأقوت المشاعر . من أرباب الادراك والمشاعر كأن لم يكن بين الحجون إلى الصفا * أنيس ولم يسمر بمكة سامر