وخفف عني ما أقاسي تحققي * بأنك أنت المبتلي والمقدر على أن الحكيم إذا حدق البصر . وحقق النظر . وعرج عن حضيض المجاز إلى ذروة الحقيقة . وركب سفينة النجاة مستمداً من المبدئ الفياض تأييده وتوفيقه . أعترف بأن ذلك بالنسبة إلى تلك النفس الزكية . واللطيفة القدسية . من أكمل النعم . وأفضل القسم . إذ هو في الحقيقة رجوع من الغربة إلى الوطن . وهجوع بعد طول الأرق والوسن . وقفول بعد نيل الآمال . من اقتناص شوارد المعارف وتزكية الأخلاق والأعمال فكأنها ذكرت عهوداً بالحمى * ومنازلاً بفراقها لم تقنع وصلى الله على سيدنا محمد وآله . فراجعه الشيخ عبد الرحمن بقوله يقبل الأرض حزين خانه صبره . وحانه دهره . وأسيف عضد البين عضده . وكبد الحين كبده . لم تزل الحسرات عليه تتوالى . والزفرات فيه تتعالى . فدمعه المهراق لا يكف إذ يكف . ووجده المحراق بمحاريب ضلوعه معتكف أضحى فريداً عن الأليف . ووحيداً عن الحليف . لم تمر به ساعة إلا بعد أن يتجرع من ألم الفراق أعظم غصه . ولم يتجاوز من لحظة إلا بعد أن يسهم له فيها من الهموم بأوفر حصه . حالة أجار الله منها العدا . وأبعد عن قدر مداها المدا . لم يزل الحزن فيها يتجدد . والأسف بمعاهد جوانحه بتعهد . والتذكر في كل آونة يتزايد ويتأكد يذكرني طلوع الشمس صخراً * وأذكره لكل غروب شمس قرح الدمع أجفاني . ولم أوفه بذلك فما أجفاني ولولا كثرة الباكين حولي * على اخوانهم لقتلت نفسي غير إني حين أراجع الوجدان . وأرى بكاء الاخوة على الاخوان . أتوهم تبريد الغلة . وأتظنى زوال العلة وما يبكون مثل أخي ولكن * أسلي النفس عنه بالتأسي فالمسؤول من الأنفاس المتصل سندها بالأنفس الزكية . المرتفع شأوها إلى ذرى الشؤون العلية . أن تلحظ هذا المصاب بالدعاء بالهام الصبر كيلا تتكرر المصيبة . وأن يعوض ذلك الشاب أعظم الأجر . عما فاته من عنفوان الشبيبه . وأن يرفع له في عليين . من الدرجات إلى الفردوس طريقاً . مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين . وحسن أولئك رفيقاً