وقولهم في وصف متكبر : « قد أسكرته خمرة الكبر ، واستغرقته لذة التيه ، كأن كسرى حامل غاشيته ، وقارون وكيل نفقته ، وبلقيس إحدى داياته ، وكان يوسف لم ينظر إلا بطلعته ، وداود لم ينطق إلا بنغمته ، ولقمان لم يتكلم إلا بحكمته ، والشمس لم تطلع إلا من جبينه ، والغمام لم يبد إلا من يمينه » . وكان من أثر ذلك أن أصبح هذا العصر غنيا جدا بالتعابير الوصفية الرائعة في أكثر أبواب الوصف . ومن ذا الذي يرتاب في جمال قولهم في وصف النثر والنظم مما اختاره صاحب زهر الآداب : نثر كنثر الورد ، ونظم كنظم العقد . نثر كالسحر أو أدق ، ونظم كالماء أو أرق . رسالة كالروضة الأنيقة ، وقصيدة كالمخدّرة الرشيقة . نثر كما تفتّح الزّهر ، ونظم كما تنفّس السّحر . وقولهم في أوصاف النساء : هي روضة الحسن ، وضرة الشمس ، وبدر الأرض . هي من وجهها في صباح شامس ، ومن شعرها في ليل دامس ، كأنها فلقة قمر على برج فضة . بدر التّم يضئ تحت نقابها ، وغصن البان يهتز تحت ثيابها . لها عنق كإبريق اللجين ، وسرة كمدهن العاج . مطلع الشمس من وجهها ، ونبت الدر من فمها ، وملقط الورد من خدها ، ومنبع السحر من طرفها ، ومبادى الليل من شعرها ، ومغرس الغصن من قدها ، ومهيل الرمل من ردفها . . . إلخ .