ما صدر عنه من الرخصة فيما تسهل كلفته ، وتجلّ عند ذوى الألباب قيمته ، وتحلو ثمرته ؛ وهو علم يقتنى ، وأدب يجتنى . قال أبو الحسن بن طباطبا العلوي : < شعر > لا تنكرن إهداءنا لك منطقا منك استفدنا حسنه ونظامه فاللَّه عزّ وجلّ يشكر فعل من يتلو عليه وحيه وكلامه < / شعر > وأهدى أحمد بن يوسف [1] إلى المأمون في يوم مهرجان هدية قيمتها ألف ألف درهم ، وكتب : < شعر > على العبد حقّ فهو لابدّ فاعله وإن عظم المولى وجلَّت فضائله ألم ترنا نهدى إلى اللَّه ماله وإن كان عند ذا غنى وهو قابله < / شعر > وقال أبو الفتح البستي : < شعر > لا تنكرنّ إذا أهديت نحوك من علومك الغرّ أو آدابك النّتفا فقيّم الباغ قد يهدى لمالكه برسم خدمته من باغه التّحفا [2] < / شعر > وكتب أبو إسحاق الصابى إلى عضد الدولة في هذا المعنى : العبيد تلاطف ولا تكاثر الموالى في هداياها ، والموالي تقبل الميسور منها قبولا هو محسوب في عطاياها . ولما كان - أدام اللَّه تعالى عزّه ! - مبرّزا على ملوك الأرض في الخطر الذي قصّروا عنه شديدا ، والسعي الذي وقفوا منه بعيدا ، والآداب التي عجزوا عن استعلامها فضلا عن علمها ، والأدوات التي نكلوا [3] عن استفهامها فضلا عن فهمها ، وجب أن يعدل عن اختياراتهم فيما تحظى به الجسوم البهيمية ، إلى اختياره
[1] أحمد بن يوسف : كاتب بليغ كان يتولى ديوان الرسائل للمأمون ، وله أخبار كثيرة تدل على أنه كان مع مركزه في الدولة كثير البعث والمجون . شتمه رجل بين يدي المأمون فقال يخاطب المأمون : قدو اللَّه يا أمير المؤمنين رأيته يستملى من عينبك ما يلقابى به . وسيعود صاحب زهر الآداب إلى الكلام عنه في عدة مواطن . كانت وفاته سنة 213 [2] الباغ : الطيب [3] نكل عن الشئ - من باب نصر وضرب وفرح - جبن وتأخر ( م )