< شعر > لذّ شؤيوبها وطاب فلو تس طيع قامت فعانقتها القلوب [1] فهو ماء يجرى وماء يليه وعزال تنشأ وأخرى تصوب [2] أيّها الغيث حىّ أهلا بمغدا ك وعند السّرى وحين تؤوب [3] < / شعر > لأبى جعفر خلائق تحكيهنّ قد يشبه النجيب النجيب وأنشدها أبا جعفر بن الزيات ، فقال : يا أبا تمام ؛ واللَّه إنك لتحلَّى شعرك من جواهر لفظك وبدائع معانيك ، ما يزيد حسنا على بهىّ الجواهر في أجياد الكواعب ؛ وما يدّخر لك شئ من جزيل المكافأة إلَّا يقصر عن شعرك في الموازنة . وكان بحضرته رجل من الفلاسفة ، فقال : هذا الفتى يموت شابا ! فقيل له : من أين حكمت عليه بهذا ؟ فقال : رأيت فيه من الحدّة والذكاء والفطنة مع لطافة الحس ما علمت به أن النفس الروحانية تأكل عمره كما يأكل السيف المهند غمده ! قال الصولي : مات وقد نيّف على الثلاثين . وقال في أبى دلف العجلي القاسم بن محمد بن عيسى [4] : < شعر > تكاد عطاياه يجنّ جنونها إذا لم يعوّذها بنغمة طالب تكاد مغانيه تهشّ عراصها فتركب من شوق إلى كل راكب [5] < / شعر >
[1] الشؤبوب : الدفعة من المطر [2] عزال : جمع عزلاء ، وهي مصب الماء ، والمراد بها السحابة ، وتصوب : تنسكب [3] تؤوب : ترجع [4] أبو دلف : كان أمير الكرخ ، وسيد قومه ، وأحد قواد المأمون الشجعان ، وللشعراء فيه مدائح كثيرة ، من أروعها هذا البيتان : < شعر > إنما الدنيا أبو دلف بين باديه ومحتضره فإذا ولى أبو دلف ولت الدنيا على أثره < / شعر > وكانت وفاته سنة 226 [5] العراص : جمع عرصة ، وهى : ساحة الدار