سل عنه وأنطق به وانظر إليه تجد * ملء المسامع والأفواه والمقل فالحظ حسن النسق وصحة هذا التركيب فيه واستيعاب هذا التقسيم ووضوح هذا التفسير ومنه قول أبي نواس وإذا جلست إلى المدام وشربها * فاجعل حديثك كله في الكاس وإذا نزعت عن الغواية فليكن * لله ذاك النزع لا للناس حسن النسق هنا لأمرين بين فنين متضادين في هذين البيتين وهما المجون والزهد حتى صارا كأنهما فن واحد وبيت الشيخ صفي الدين الحلي قوله والذئب سلم والجني أسلم والثعبان كلم والأموات في الرحم والعميان ما نظموا هذا النوع في بديعيتهم وبيت الشيخ عز الدين الموصلي في بديعيته قوله فالضيق أذهب والتوفيق سبب والتنسيق رتب في تصديق حكمهم وبيت بديعيتي أنا مستمر فيه على وصف الصحابة رضوان الله عليهم بقولي من ذا يناسقهم من ذا يطابقهم * من ذا يسابقهم في حلبة الكرم ( ذكر التعديد ) تعديد فضلهم يبدي لسامعه * علما وذوقا وشوقا عند ذكرهم هذا النوع أعني التعديد ذكره الإمام فخر الدين الرازي وغيره وسماه قوم الإعداد وهو عبارة عن إيقاع أسماء منفردة على سياق واحد فإن روعي في ذلك ازدواج أو مطابقة أو تجنيس أو مقابلة فذلك الغاية في حسن النسق مثاله قوله تعالى ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين ومن أمثلة الشعرية قول أبي الطيب المتنبي الخيل والليل والبيداء تعرفني * والسيف والرمح والقرطاس والقلم وبيت الشيخ صفي الدين في بديعيته على هذا النوع قوله يا خاتم الرسل يا من علمه * والعدل والفضل والإيفاء للذمم والعميان ما نظموا هذا النوع في بديعيتهم وبيت عز الدين في بديعيته قوله تعديد أوصافهم في المدح يعجزنا * أهل التقى والنقا والمجد والهمم وبيت بديعيتي أنا مستمر فيه على مدح الصحابة رضي الله عنهم أجمعين بقولي تعديد أوصافهم يبدي لسامعه * علما وذوقا وشوقا عند ذكرهم ( ذكر التعليل ) نعم وقد طاب تعليل النسيم لنا * لأنه مر في آثار تربهم هذا النوع أعني التعليل هو أن يريد المتكلم ذكر حكم واقع أو متوقع فيقدم قبل ذكره علة وقوعه لكون رتبة العلة تتقدم على المعلول كقوله تعالى ولولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم فسبق الكتاب من الله تعالى علة النجاة من العذاب وكقوله لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة فخوف المشقة على الأمة هو علة في التخفيف عنهم من الأمر بالسواك عند كل صلاة ومن أمثلته الشعرية قول البحتري ولو لم تكن ساخطا لم أكن * أذم الزمان وأشكو الخطوبا فوجود سخط الممدوح هو علة في شكوى الشاعر ومنه قول ابن هانئ الأندلسي ولو لم تصافح رجلها صفحة الثرى * لما صح عندي علة للتيمم وفي رواية لما كنت أدري وعلى كلتي الروايتين ففي الغلو قبح وإساءة أدب كيف أنه لم يدر علة للتيمم إلا بما ذكر وقد علمت صحة التيمم من نص الكتاب والسنة ولقد أحسن ابن رشيق القيرواني في تعليل قوله جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا حيث قال