وما ذقته إلا بعيني تفرسا * كما شيم في أعلى السحابة بارق وأحسن بشار بن برد اتباعهما بإيجازه وقال يا أطيب الناس ريقا غير مختبر * إلا شهادة أطراف المساويك وقال السموأل يقرب حب الموت آجالنا لنا * وتكرهه اجالهم فتطول فأحسن بشار اتباعه بزيادة محاسن فقال أفناهم الصبر إذ أبقاهم الجزع وقال الأسود ابن يعفر يسعى بها ذو توأمين كأنما * قنأت أتأمله من الفرصاد وأحسن أبو نواس اتباعه بزيادة من المحاسن وقال تبكي فتذري الدمع من نرجس * وتلطم الورد بعناب استوفى أبو نواس المعنى في نصف بيت وأخذه الرأواء الدمشقي من أبي نواس وزاد عليه زيادة عجيبة بقوله وأمطرت لؤلؤا من نرجس فسقت * وردا وعضت على العناب بالبرد وقال مسلم بن الويد تجري محبتها في قلب عاشقها * مجرى المعافاة في أعضاء منتكس فأحسن أبو نواس اتباعه فقال فتمشت في مفاصلهم * كتمشي البرء في السقم وجميع ذلك مأخوذ من قول بعض الملوك باليمن منع البقاء تقلب الشمس * وطلوعها من حيث لا تمسي تجري على كبد السماء كما * يجري حمام الموت في النفس نقل أبو هلال العسكري في الصناعتين عن الصولي أنه قال حدثني أبو بكر بن هارون بن عبد الله المهلبي قال كنا في حلقة دعبل الشاعر فجرى ذكر أبي تمام فقال دعبل كان يتبع معاني فيأخذها فقال له رجل في مجلسه مثل ماذا أعزك الله فقال قلت وإن امرأ أسدى إلي بشافع * إليه ويرجو الشكر مني لأحمق فأخذه أبو تمام وقال وإذا امرؤ أسدى إليك صنيعة * من جاهه فكأنها من ماله فقال الرجل أحسن والله فقال دعبل كذبت والله قبحك الله فقال الرجل إن كان سبقك بهذا المعنى وتبعته فما أحسنت وإن كان أخذه منك فقد أجاد فصار أولى به منك على الحالين فغضب دعبل وقام وقال بشار من راقب الناس لم يظفر بحاجته * وفاز بالطيبات الفاتك اللهج فأحسن اتباعه سلم الخاسر وقال من راقب الناس مات غما * وفاز باللذة الجسور فلما سمع بشار هذا البيت قال قد ذهب ابن الفاعلة ببيتي وممن زاد على المتقدمين بحسن سبكه وعذوبة لفظه ابن المعتز رحمه الله بقوله ولاح ضوء هلال كاد يفضحه * مثل القلامة قد قدت من الظفر وهو مأخوذ من قول الأول كأن ابن ليلته جانح * إلى مسقط الأفق من خنصر وقال أبو لعتاهية كم نعمة لا تستقل بشكرها * لله في طي المكاره كامنه فأحسن أبو تمام اتباعه فقال قد ينعم الله بالبلوى وإن عظمت * ويبتلي الله أدنى القوم بالنعم فزاد عليه إلا أنه أتى بعكس المعنى وما يعرف للمتقدمين معنى شريف إلا نازعهم إياه المتأخرون