فإن ذكر العالم أعم من ذكر الناس في بيت جرير وعدوا من الشواهد الحسنة في حسن الاتباع قول منصور النميري في زينب أخت الحجاج وأترابها وهو وهن اللواتي إن برزن قتلنني * وإن غبن قطعن الحشا حسرات فأحسن اتباعه ابن الرومي بقوله ويلاه إن نظرت وإن هي أعرضت * وقع السهام ونزعهن أليم قلت وقع السهام ونزعهن بعد ويلاه في بيت ابن الرومي تركت بيت النميري أطلالا بالية وقال أبو عبادة البحتري أخجلتني بندى يديك فسودت * ما بيننا تلك اليد البيضاء صلة غدت في الناس وهي قطيعة * عجبا وبر راح وهو جفاء وأحسن أبو العلاء وقال لو اختصرتم من الإحسان زرتكم * والعذب يهجر للإفراط في الخصر لأنه استوعب معنى البيتين في صدر بيته وأخرج العجز مخرج المثل السائر مع الإيجاز والإيضاح وحسن البيان وقال عنترة إني امرؤ من خير عبس منصبا * شطري وأحمي سائري بالمنصل فأحسن اتباعه منصور الفقير في شريف نسبه وكان شرفه من جهة أبيه لا من جهة أمه بقوله إن فاتني بأبيه * فلم يفتني بأمه ورام شتمي ظلما * سكت عن نصف شتمه فإن هذا الفقيه أحسن غاية الإحسان من وجوه أحدها الإيجاز فإنه عمل معنى عنترة الذي جاء به في بيت تام من الكامل في بيت من المجتث وأتى بالمطابقة المعنوية فأما قوله سكت عن نصف شتمه ففيه من التأدب الديني مع رسول الله والاحتراس ما يزيد على الوصف وقال ابن الرومي تخذتكم درعا حصينا لتدفعوا * نبال العدا عني فكنتم نصالها وكنت أرجي منكم خير ناصر * على حين خذلان اليمين شمالها فإن كنتم لا تحفظون مودتي * ذماما فكونوا لا عليها ولا لها قفوا وقفة المعذور عني بمعزل * وخلوا نبالي للعدا ونبالها فأحسن ابن سنان الخفاجي اتباعه بقوله أعددتكم لدفاع كل ملمة * عونا فكنتم عون كل ملمة وتخذتكم لي جنة فكأنما * نظر العدو ومقاتلي من جنتي فلأنفضن يدي يأسا منكم * نفض الأنامل من تراب الميت ويعجبني هنا قول القائل وأخوان حسبتهم دروعا * فكانوها ولكن للأعادي وخلتهم سهاما صائبات * فكانوها ولكن في فؤادي وقالوا قد صفت منا قلوب * لقد صدقوا ولكن من ودادي وقال ابن الرومي سد السداد فمي عما يريبكم * لكن فم الحال عني غير مسدود وأحسن زكي الدين بن أبي الأصبع اتباعه فقال هبني سكت فما لسان ضرورتي * أهجى لكل مقصر عن منطقي وقال سليك بن سلكة وتبسم عن ألمي اللثاة مفلج * خليق الثنايا بالعذوبة والبرد وما ذقته إلا بعيني تفرسا * كما شيم برق في السحابة من بعد وقال نصيب كأن على أنيابها الخمر شجها * بماء الندى في آخر الليل عابق