فخصت هذين الوقتين بالذكر وإن كانت تذكره كل وقت لما في هذين الوقتين من النكتة المتضمنة للمبالغة في وصفه بالشجاعة والكرم لأن طلوع الشمس وقت الغارات على العدا وغروبها وقت وقود النيران للقرى وبيت الشيخ صفي الدين الحلي في بديعيته على التنكيت وآله أمناء الله من شهدت * لقدرهم سورة الأحزاب بالعظم الشيخ صفي الدين خصص سورة الأحزاب هنا بالذكر لأن فيها تصريحا بمدح آل البيت عليهم السلام بقوله تعالى إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ولولا هذا الاختصاص كانت كغيرها من السور والعميان ما نظموا هذا النوع في بديعيتهم وبيت الشيخ عز الدين الموصلي رحمه الله ففي براءة تنكيت بمدحته * معناه في الشرح يشفي داء ذي البكم ذكر الشيخ عز الدين في شرحه أن النكتة المقصودة في بيته في سورة براءة هي قوله تعالى ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا وبيت بديعيتي أشير فيه إلى النبي وآله البحر آل إن يقس بندى * كفوفهم فافهموا تنكيت مدحهم التنكيت في هذا البيت بديع وغريب في بابه فإنني خصصت الندى بالذكر عند مقايسته بالبحر في قولي إن البحر عند ندى كفوفهم كالآل والآل هو الذي يحسبه الظمآن ماء ولو قلت انهار كفوفهم أو جداول كفوفهم لسد كل واحد منهما مسده بزيادة زائدة ولكن في الندى نكتة ليست فيهما وهي الغلو في أن البحر يصير عند هذا الندى سرابا وهذا الذي أوجب تخصيص الندى بالذكر دون غيره وقد اجتمع في هذا البيت التنكيت الذي هو القصد هنا والتورية والغلو ومراعاة النظير والجناس والله أعلم ( ذكر الإرداف ) وفي الوغى رادفوا لسن القنا سكنا * من العدا في محل النطق بالكلم نوع الإرداف قالوا إنه هو والكناية شيء واحد قلت وإذا كان الأمر كذلك كان الواجب اختصارهما وإنما أئمة البديع كقدامة والحاتمي والرماني قالوا إن الفرق بينهما ظاهر والإرداف هو أن يريد المتكلم معنى فلا يعبر عنه بلفظه الموضوع له بل يعبر عنه بلفظ هو رديفه وتابعه كقوله تعالى واستوت على الجودي فإن حقيقة ذلك جلست على المكان فعدل عن اللفظ الخاص بالمعنى إلى لفظ هو رديفه وإنما عدل عن لفظ الحقيقة لما في الاستواء الذي هو لفظ الإرداف من الإشعار بجلوس متمكن لا زيغ فيه ولا ميل وهذا لا يحصل من لفظ جلست وقعدت ومن الأمثلة الشعرية على الإرداف قول أبي عبادة البحتري يصف طعنة فأوجرته أخرى فأحللت نصلها * بحيث يكون اللب والرعب والحقد ومراده القلب فذكره بلفظ الإرداف والفرق بين الإرداف وبين الكناية أن الإرداف قد تقرر أنه عبارة عن تبديل الكلمة بردفها والكناية هي العدول عن التصريح بذكر الشيء إلى ما يلزم لأن الإرداف ليس فيه انتقال من لازم إلى ملزوم والمراد بذلك انتقال المذكور إلى المتروك كما يقال فلان كثير الرماد ومراده نقله إلى ملزومه وهي كثرة الطبخ للأضياف وبيت الشيخ صفي الدين رحمه الله تعالى على الإرداف قوله بقتبه أسكنوا أطراف سمرهم * من الكماة محل الضغن والأضم الشيخ صفي الدين زاحم البحتري في بيته إلى أن نزع قلبه من صدره بل جل قصده في إردافه هنا القلب وكان الواجب العدول عنه لشهرته في هذا الباب عند أهل البديع والعميان ما نظموا هذا النوع في بديعيتهم وبيت الشيخ عز الدين الموصلي