للطعن والضرب إرداف يحل به * في موضع العقل يحكيه ذوو الحكم وبيت بديعيتي قلت قبله عن آل النبي مشيرا إلى الغلو في كرمهم وآله البحر آل أن يقس بندى * كفوفهم فافهموا تنكيت مدحهم وأردفته بقولي في الشجاعة وفي الوغى رادفوا لسن القنا سكنا * من العدا في محل النطق بالكلم أنظر أيها المتأمل في بديع هذا الإرداف الغريب الذي ميزته على أقرانه من البحتري إلى الشيخ عز الدين بحسن مراعاة النظير الذي أسكنت به الألسنة بالأفواه بقولي في محل النطق بالكلم مع التورية بتسمية النوع والله سبحانه أعلم ( ذكر الإيداع ) وأودعوا للثرى أجسامهم فشكت * شكوى الجريح إلى العقبان والرخم هذا النوع أعني الإيداع يغلب عليه التضمين والتضمين غيره فإنه معدود من العيوب والعيب المسمى بالتضمين هو أن يكون البيت متوقفا في معناه على البيت الذي بعده كقول النابغة وهم وردوا الجفار على تميم * وهم أصحاب يوم عكاظ إني شهدت لهم مواطن صادقات * أنبئهم بود الصدر مني والإيداع الذي نحن بصدده هو أن يودع الناظم شعره بيتا من شعر غيره أو نصف بيت أو ربع بيت بعد أن يوطئ له توطئة تناسبه بروابط متلائمة بحيث يظن السامع أن البيت بأجمعه له وأحسن الإيداع ما صرف عن معنى غرض الناظم الأول ويجوز عكس البيت المضمن بأن يجعل عجزه صدرا أو صدره عجزا وقد تحذف صدور قصيدة بكمالها وينظم لها المودع صدورا لغرض اختاره وبالعكس وقد تقدم وتقرر أن الأحسن في هذا الباب أن يصرف الشاعر ما أودعه في شعره عن معناه الذي قصد صاحبه الأول ويجوز تضمين البيتين بشرط أن ينقلهما من معناهما الأول إلى صيغة أخرى كما حكي أن الحيص بيص قتل جرو كلب وهو سكران فأخذ بعض الشعراء كلبة وعلق في رقبتها قصة وأطلقها عند باب الوزير فإذا فيها مكتوب يا أهل بغداد إن الحيص بيص أتى * بخزية ألبسه العار في البلد أبدى شجاعته بالليل مجترئا * على جري ضعيف البطش والجلد فأنشدت أمه من بعد ما احتسبت * دم الأبليق عند الواحد الأحد أقول للنفس تأساء وتعزية * إحدة يدي أصابتني ولم ترد كلاهما خلف من بعد صاحبه * هذا أخي حين أدعوه وذا ولدي البيتان الأخيران لامرأة من العرب قتل أخوها ابنها فقالت ذلك تسلية ومنهم من أودع شعره بيتين وكل بيت منهما لشاعر كقول القاضي شهاب الدين محمود وبتنا على حكم الصبابة مطعمي * زفيري وأشجاني وشربي المدامع وخلي يعاطيني كؤوس ملامة * وينشدني والهم للقلب صادع أتطمع من ليلى بوصل وإنما * تقطع أعناق الرجال المطامع فبت كأني ساورتني ضئيلة * من الرقش في أنيابها السم ناقع البيت الأخير للنابغة قلت غاية الأوائل أن ينقلوا المعنى الأول في الإيداع إلى معنى آخر إن كان في بيتين أو بيت واحد أو نصف بيت ولكن الفرقة التي مشت تحت العلم الفاضلي وتحلت بالقطر النباتي وهلم جرا لم يرضوا بنقله مجردا من التوربة أو ما يناسبها من أنواع البديع ومما يؤيد قولي هذا قول القاضي جلال الدين القزويني في التلخيص وأحسنه ما زاد على الأصل بنكتة كالتورية