وسل أهل مكة فهذا البيت المبارك فيه إيجازان بليغان وفيه التورية بتسمية النوع وفيه المناسبة البديعة بين مكة والبيت والحرم ومراعاة النظير أيضا بين الإيجاز والمدح إوتال وفي الأبيات تورية أخرى ونوع التمكين في القافية ظاهر ( ذكر المشاركة ) بالحجر ساد فلا ند يشاركه * حجر الكتاب المبين الواضح اللقم هذا النوع أعني الاشتراك جعله ابن رشيق وابن أبي الأصبع ثلاثة أقسام قسمان منها من العيوب والسرقات وقسم من المحاسن وهو أن يأتي الناظم في بيته بلفظة مشتركة بين معنيين اشتراكا أصليا أو فرعيا فيسبق ذهن سامعها إلى المعنى الذي لم يرده الناظم فيأتي في آخر البيت بما يؤكد أن المقصود غير ما توهمه السامع كقول كثير عزة وأنت الذي حببت كل قصيرة * إلي ولم تعلم بذاك القصائر عنيت قصيرات الحجال ولم أرد * قصار الخطا شر النساء الحباتر فإنه أثبت في البيت الثاني ما أزال به وهم السامع من أنه أراد القصار مطلقا وقد يلتبس الاشتراك بالتوهيم على من لا يحققه والفرق بينهما أن الاشتراك لا يكون إلا باللفظة المشتركة والتوهيم يكون بها وبغيرها من تحريف أو تصحيف أو تذييل والفرق بينه وبين الإيضاح أن الإيضاح في المعاني خاصة لا تعلق له بالألفاظ وهذا نوع اشتراك اللفظة وبيت الشيخ صفي الدين على هذا النوع قوله شيب المفارق يروى الضرب من دمهم * ذوائب البيض بيض الهند لا اللمم هذا البيت الاشتراك فيه بين البيض فلولا بيض الهند التي ترشح بها جانب السيوف بذكر الهند لسبق ذهن السامع إلى أنه أراد الذوائب البيض ولكن بيت الشيخ صفي الدين لم يخل من بعض عقادة والعميان ما نظموا هذا النوع في بديعيتهم وبيت الشيخ عز الدين الموصلي وللغزالة تسليم به اشتركت * مع التي هي ترعى نرجس الظلم هذا البيت يصلح أن يعد من باب الإشارة في الجناس المعنوي فإن الشيخ عز الدين أضمر أحد الركنين وأظهر الآخر وهذا حد جناس الإشارة من المعنوي فإنه ذكر الغزالة في أول البيت وأضمر الغزالة الشمسية في الشطر الثاني وهذا النوع تقدم تقريره ولو صرح الشيخ عز الدين في الشطر الثاني بلفظة الغزالة وذكر معها الإشراق والنور بحيث يزيل وهم السامع أن المراد الغزالة الوحشية ويتحقق أن المراد الغزالة الشمسية أو بالعكس كان نوع الاشتراك في بيته خالصا مع ما فيه من النظر وهو أن كلا من الغزالتين سلم على النبي ولكنه أظهر لفظ الغزالة الثانية فتحتم أنه صار جناسا معنويا ولعمري إنه أحسن من بيته الذي استشهد فيه على الجناس المعنوي في أول بديعيته وكافر نعم الإحسان في عذل * كظلمة الليل عن ذا المعنوي عمي فإنه أظهر في أول البيت لفظة كافر والليل يسمى كافرا فأضمر لفظة كافر الذي هو الليل وتالله إن بيته الذي نظمه شاهدا على نوع الاشتراك يستحق الجناس المعنوي استحقاقا ذوقيا وهو أسجم من هذا البيت وأرق للمعنى وأوقع في الأسماع وبيت بديعيتي أقول فيه عن النبي بالحجر ساد فلا ند يشاركه * حجر الكتاب المبين الواضح اللقم هذا البيت يجب أن يعتمد عليه في هذا النوع ولا يخفى على أهل الذوق السليم ما في تركيبه والعميان ما نظموه في بديعيتهم وبيت عز الدين تقرر أن الجناس المعنوي أحق به واشتراك بيتي في لفظة الحجر فإني قلت في أول بيتي بالحجر ساد وهذه اللفظة مشتركة بين العقل وسورة الحجر فلما قلت في الشطر الثاني حجر الكتاب المبين زال الالتباس عن السامع وعلم المراد وترشح عنده جانب