نام کتاب : إنباه الرواة على أنباه النحاة نویسنده : علي بن يوسف القفطي جلد : 1 صفحه : 12
وكان ابن عادى ممن حذق النحو ، وتقصّى مسائله ، وجمع أشتاته ، وأحاط بأصوله وفروعه ، ونقّب عن مقيسه وشاذه . فلزمه واستفاد منه ، وحمل عنه علما كثيرا . ثم عاد إلى القاهرة ليقضى بها مدة قصيرة ويرحل عنها فلا يعود . ففي سنة 591 سافر أبوه إلى بيت المقدس واليا عليها من قبل الملك العزيز عثمان بن صلاح الدين ، فصحبه في سفره ، ونزل معه ببيت المقدس ، وطاب له المقام فيها زمانا ؛ وهناك عايش أهلها ، ولابس رجالها ، ولقى عندهم جوارا كريما ، ومنزلا طيبا ، ولقوا منه رجلا محمود الصحبة ، جميل العشرة ، لطيف الطبع ، أديبا بارعا عذب الموارد ، وعالما فاضلا جمّ الفوائد ، يتجمّل بالخلق الكريم ، والطبع السريّ النبيل ، فأحبهم وأحبوه ، واطمأنّ إليهم واطمأنوا إليه . ثم رغبوا إليه في أن يتولى شيئا من أمور الملك فأبى عليهم ، وآثر أندية العلم ، ومجامع الأدب والفضل ، وزهد في مجالس الحكم وديوان السلطان . وعصفت ببيت المقدس أقدار ، وتقلبت عليها أهوال ، وانتهت إلى أن دخلت في حوزة الملك العادل ووزيره ابن شكر . ولم يكن أبوه القاضي الأشرف من شيعة العادل ، ولا ممن يوادّون ابن شكر ، فتوجس منهما خيفة ، وخرج منها بليل ، وذهب إلى حرّان . وعندئذ تعذّر على القفطي المقام بعد أبيه ، ونبا به المنزل ، فترك بيت المقدس ، وقصد إلى حلب مع من قصد إليها . وكان السلطان صلاح الدين قد أعطى ولاية حلب لابنه الملك غازي المعروف بالظاهر [1] في حياته ، ثم ظلت في حكمه بعد وفاة أبيه ، وتوارثها أولاده من بعده ،
[1] هو أبو منصور غازي بن السلطان صلاح الدين . كان ملكا حازما متيقظا كثير الاطلاع على أحوال رعيته ، عالي الهمة ، حسن التدبير والسياسة ، محبا للعلماء ، مجيزا للشعراء . أقام في الملك 30 سنة ، وحضر معظم الغزوات مع أبيه ، وتوفى سنة 613 . النجوم الزاهرة ( 6 : 217 ) .
12
نام کتاب : إنباه الرواة على أنباه النحاة نویسنده : علي بن يوسف القفطي جلد : 1 صفحه : 12