نام کتاب : إنباه الرواة على أنباه النحاة نویسنده : علي بن يوسف القفطي جلد : 1 صفحه : 11
طلبا للعافية ، وإيثارا للسلامة . ثم ذهب إلى القاهرة ، واتصل بالملوك الأيوبيين ، فأنزلوه منزلة كريمة ، وولوه أعمالا بالصعيد ثم بلبيس وبيت المقدس ، وناب عن القاضي الفاضل بحضرة صلاح الدين . ولما ملك العادل الشام لم تطب للقاضي الأشرف الإقامة ببيت المقدس ، وغادرها إلى حرّان . وهناك استوزره الملك الأشرف موسى بن العادل ، ثم استأذنه في الحج فأذن له على أن يعود ؛ ولكنه امتنع من العود ، وذهب إلى اليمن ، فاستوزره أتابك سنقر ، وأقام في الوزارة زمنا ؛ ثم بدا له أن ينقطع عن خدمة الملوك ، فذهب إلى ذي جبلة [1] ، وآثر العزلة عن الناس ، والإخلاد إلى الوحدة . فأقام بها منفردا بنفسه ، بعيدا عن الخاصة والعامّة إلى أن توفى سنة 624 . وكانت القاهرة حين وفد القفطيّ إليها معمورة بالمدارس ، مأهولة بالعلماء ، زاخرة بالكتب ، فأخلى ذرعه للدرس ، وقصر نفسه على العلم ، وأحاط منه بقدر صالح كبير . ولقى كثيرا من العلماء وأخذ عنهم ؛ وكان ممن لقيه محمد بن محمد بن بنان الأنباريّ ، وكان شيخا فاضلا عالما ، تصدّر للإقراء ، فلزمه وأخذ عنه سماعاته ، وأجازه في رواياته ، وسمع منه كتاب الصّحاح للجوهريّ . وترامت إليه أخبار أبى طاهر السّلفيّ نزيل الإسكندرية وعالمها في ذلك الحين ، فارتحل إليه ، وانتظم في حلقة الطلاب الذين وفدوا عليه من أطراف البلاد ، وكان صغيرا في ذلك الحين ؛ إلا أنه أفاد منه ، وتحدّث عنه في كتاب الإنباه . ثم عاوده الحنين إلى وطنه ، واشتاق إلى ملاعب طفولته ، ومنبت أهله وعشيرته ، فسافر إلى قفط ، وكان قد اكتمل عقله ، وأوفى على الغاية استعداده . وهناك خالط علماءها ، وناظر أدباءها ، والتقى بصالح بن عادى العذريّ نزيلها .
[1] ذو جبلة : من مدن اليمن ، وكانت من أحسن مدن اليمن وأنزهها وأطيبها .
11
نام کتاب : إنباه الرواة على أنباه النحاة نویسنده : علي بن يوسف القفطي جلد : 1 صفحه : 11