نام کتاب : النهاية في غريب الحديث والأثر نویسنده : مجد الدين ابن الأثير جلد : 0 صفحه : 11
قال ابن خلكان : " حكى أخوه عز الدين أبو الحسن على أنه لما أقعد جاءهم رجل مغربي ، والتزم أنه يداويه ويبرئه مما هو فيه ، وأنه لا يأخذ أجرا إلا بعد برثه ، فملنا إلى قوله ، وأخذ في معاجلته بدهن صنعه ، فظهرت ثمرة صنعته ، ولانت رجلاه ، وصار يتمكن من مدهما ، وأشرف على كمال البرء . فقال لي : أعط هذا المغربي شيئا يرضيه واصرفه ، فقلت له : لماذا وقد ظهر نجح معاناته ؟ فقال : الأمر كما تقول ، ولكني في راحة مما كنت فيه من صحبة هؤلاء القوم والالتزام بأخطارهم ، وقد سكنت روحي إلى الانقطاع والدعة . وقد كنت بالأمس وأنا ما في أذل نفسي بالسعي إليهم ، وها أنا اليوم قاعد في منزلي ، فإذا طرأت لهم أمور ضرورية جاءني بأنفسهم لأخذ رأيي ، وبين هذا وذاك كثير ، ولم يكن سبب هذا إلا هذا المرض ، فما أرى زواله ولا معالجته ، ولم يبق من العمر إلا القليل ، فدعني أعيش باقيه حرا سليما من الذل ، وقد أخذت منه أوفر حظ . قال عز الدين : فقبلت قوله وصرفت الرجل بإحسان " . وهكذا لزم الرجل بيته صابرا محتسبا ، يغشاه الأكابر ويحفد إليه العلماء ، يقبسون من علمه وينهلون من فيضه . وكان آجره الله قد أنشأ رباطا بقرية من قرى الموصل تسمى " قصر حرب " ووقف أملاكه عليه وعلى داره التي كان يسكنها بالموصل ، ووقف داره على الصوفية . قال ابن خلكان : " وبلغني أنه صنف هذه الكتب كلها في مدة العطلة ، فإنه تفرغ لها ، وكان عنده جماعة يعينونه عليها في الاختيار والكتابة " . وفي يوم الخميس سلخ ذي الحجة سنة ( 606 ه ) فاضت روحه الطاهرة إلى بارئها ، ودفن برباطه بدرب دراج داخل البلد . قال القطيفي : " ذكر لي أخوه أبو الحسن علي أنه رآه بعد موته أن نجاسة قد آذته . قال : فاستقصيت وبحثت عن صحة هذه الرؤيا ، فوجدت أحد الأهالي قد أطلق غنما له فوق سطح الصفة التي هو فيها مدفون ، وقد كثر ما يخرج من أجوافها فوق ذلك الموضع ، فأزالته ونظفته مما حصل فيه " رحمه الله وجزاء بما يجزي به العلماء المخلصين " .
المقدمة 11
نام کتاب : النهاية في غريب الحديث والأثر نویسنده : مجد الدين ابن الأثير جلد : 0 صفحه : 11