تكون في منزل القوم يحلبونها وليست سائمة ، وفرير : لولد الناقة وجمعها فرار . وقال : قال أبو زيد : قول العامة : ثريدة كثيرة العراق ، خطأ ، إذ كان العراق العظام ، واحتج بقول شاعر كان يطرد الطير عن زرع في عام جدب : < شعر > عجبت من نفسي ومن إشفاقها * ومن طراد الطير عن أرزاقها في سنة قد كشفت عن ساقها * حمراء تبري اللحم عن عراقها والموت في عنقي وفي أعناقها < / شعر > قال : أراد : تبري اللحم عن عظامها . قال أبو بكر : وقول أبي عبيد هو الصواب عندنا ، لأن العرب تقول أكلت العرق ، وهم لا يقولون : أكلت العظم ، يدل على هذا قول النبي صلَّى اللَّه عليه وسلم : « أن أمّ إسحاق الغنوية [1] قالت : جئته - عليه السّلام - فوجدته في منزل حفصة ، وبين يديه قصعة فيها ثريد ولحم فقال لي : يا أمّ إسحاق هلمي فكلي ، وكنت صائمة ، فمن حرصي على أن آكل معه نسيت صومي فأخذ عرقا فناولنيه ، فلما أدنيته من فيّ ذكرت أني صائمة ، فجعلت لا آكل العرق ولا أضعه ، فقال لي : ما لك يا أم إسحاق ؟ قلت : يا رسول اللَّه ذكرت أني صائمة فقال ذو اليدين : الآن بعدما شبعت ، فقال رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلم : « ضعي العرق من يدك وأتمي صومك فإنما هو رزق ساقه اللَّه إليك » [2] . فقولهما : لا آكله ، يدل على أن العرق لحم منفرد أو لحم على عظم . ويدل على ما نصف أن العباس أخبرنا قال : قال الأصمعي عن أبيه : ( قيل لأعرابي : أي الطعام أحب إليك ؟ قال : ثريدة دكناء من الفلفل ، رقطاء من الحمص ، بلقاء من الشحم ، ذات حفافين من البضع ، لها جناحان من العراق . قيل له : وكيف أكلك لها يا أعرابي ؟ قال : أصدع بهاتين ، يعني السّبابة والوسطى ، وأسند بهذه ، يعني الإبهام ، وأجمع ما شدّ بهذه ، يعني البنصر ، وأضرب فيها ضرب اليتيم عند والي السوء ) . فقوله : لها جناحان من العراق ، يدل على أن العراق فدر اللحم ، إذ كانت العرب لا تصف الثرد والأطعمة بكثرة العظام ، ويدل أيضا على صحة قول أبي عبيد أن يعقوب بن السكيت حكى عن الكلابي أنه قال : أتيت بني فلان فشممت عندهم ريح عرم . وقد
[1] صحابية . ( الإصابة 8 / 165 ) . وفي الأصل : العترية ، تحريف . [2] الإصابة 8 / 160 .