ورواه أبو عبيدة : كما يغشى السفائن موج اللجة العرك . فالعرك : المتلاطم الذي يدفع بعضه بعضا . وأنشدنا أبو العباس لأبي ذؤيب [1] يصف الدرّة : < شعر > فجا بها ما شئت من لطميّة * يدوم الفرات فوقها ويموج < / شعر > أراد بيدوم : يسكن ، والفرات : العذب . وقال ابن قتيبة : أخطأ أبو ذؤيب في هذا البيت ، لأن الدرة لا تخرج من العذب إنما تخرج من الملح . وقال : هذا البيت في الغلط كقول الآخر [2] : < شعر > مثل النصارى قتلوا المسيحا < / شعر > وما ادعى أحد قط أن النصارى قتلوا المسيح . وقول أبي ذؤيب عندنا صواب ، واعتراض ابن قتيبة عليه خطأ ، لأن الدرة لما كانت تنمي بالماء الملح وتشرق وتحسن ولا يضر بها ولا يفسدها ، كان لها بمنزلة العذب لها . < شعر > وقولهم : أطرق كرا أطرق كرا * إن النّعام في القرى [3] < / شعر > قال أبو بكر : قال لي أبي - رحمه اللَّه - قال لي الرستمي : هذا يضرب مثلا للرجل يتكلَّم عنده بكلام فيظن أنه هو المراد بالكلام ، فيقول للمتكلم : أطرق كرا أطرق كرا إن النعام في القرى ، أي : اسكت فإني أريد من هو أنبل منك وأرفع منزلة . قال : وقال لي أحمد بن عبيد : هذا يضرب مثلا للرجل الحقير إذا تكلم في الموضع الذي لا يشبهه وأمثاله الكلام فيه ، فيقال له : اسكت يا حقير فإن الأجلاء والأعزاء أولى بهذا الكلام منك . والكرا : هو الكروان ، والكروان طائر صغير ، فخوطب الكروان والمعنى لغيره ، وشبّه الكروان بالذليل والنعام بالأعز . ومعنى أطرق : أغض ، أي : ما دام عزيز فإياك أيها الذليل أن تنطق . ويقال في جمع الكروان : كروان ، كما يقال : ورشان [4] للواحد ، وللجمع ورشان . ويقال : رجل شقذان إذا كان سريع المشي ، والجمع شقذان . ورجل صخبان وقوم صخبان ،
[1] ديوان الهذليين 1 / 57 . واللطيمة نسبة إلى اللطيمة وهي : السوق التي تباع فيها العطريات . [2] لم أقف عليه . [3] جمهرة الأمثال 1 / 194 ، شرح درة الغواص 189 . [4] طائر شبه الحمامة .