ابن ربيعة [1] عن علي رضي اللَّه عنه قال : « من نكث ببيعته لقي اللَّه أجذم ليست له يد » . وقال ابن قتيبة : معنى الحديث : لقي اللَّه مجذوما . ورد على أبي عبيد قوله ، وقال : اليد ليس لها ذنب في نسيان القرآن ، وإنما يعاقب ناسي القرآن بالجذام ، لأن القرآن كان يدفع عن جميع جسده العاهات ، فلما نسيه ، أصابه الداء الذي يفسد جميع جسده ، لتكون العقوبة على حسب الذنب ، كما عوقب اللسان بالقطع ، وكما عوقب الخطباء المذمومون بتقريض الشفاه في النار . وغير هذا مما يطول تعديده . وقول أبي عبيد هو الصواب عندي ، وقول ابن قتيبة خطأ من ثلاثة أوجه : أحدهن الحديث الذي فسّر فيه الأجذم : الذي ليست له يد ، وقد تقدم ذكره . والحجة الثانية : أن العقاب لو كان لا يقع إلا بالجارحة التي باشرت المعصية ، لم يعاقب الزاني بالنار في الآخرة ، وبالجلد والرجم في الدنيا ، لأنه إذا جلد ظهره ، كان غير العضو الذي باشر المعصية ، وكذلك إذا أحرقت النار يديه ورجليه ، أحرقتهن وهن غير مباشرات للزنا ، ومثل هذا كثير . والحجة الثالثة : قول النبي صلَّى اللَّه عليه وسلم : « يحشر الناس يوم القيامة بهما » [2] . أي : يحشرون أصحّاء الأجسام ، لخلود الأبد ، إما في الجنة وإما في النار ، ليست بهم عاهة من عمى ولا جذام ولا برص ، هذا تفسير أبي عبيد . وقد اعترف ابن قتيبة بصحته . فمن علم أن الناس يحشرون أصحاء من العاهات ، كيف يخبر أن ناسي القرآن يحشر مجذوما ، والجذام من أعظم العاهات ؟ فإذا احتج علينا بأن انقطاع اليد عاهة ، احتججنا عليه بأن اليد يراد بها الحجة ، أي : بلقاء اللَّه تعالى أقطع الحجة ، ويده في ذاتها صحيحة . والعرب تسمي الحجة في المجاز يدا فتقول : الصحيح اليد ، ويقول الرجل لمخاطبه : قطعت يدي ورجلي ، أي : ذهبت بحجتي وما أعول عليه . ومنه قولهم : ما لي بهذا يد ويدان ، أي : ما لي به تمسك وثبات ، قال عروة بن حزام [3] : < شعر > تحمّلت زفرات الضّحى فأطقتها * وما لي بزفرات العشيّ يدان < / شعر >