قال الشاعر [1] : < شعر > نزور امرءا أعطى على الحمد ماله * ومن يعط أثمان المحامد يحمد < / شعر > معناه : أعطى على الثناء ماله . وقال الآخر [2] : < شعر > فألفيته فيضا كثيرا عطاؤه * جوادا متى يذكر له الحمد يزدد < / شعر > معناه : متى يذكر له الثناء ، وقال زهير [3] : < شعر > فلو كان حمد يخلد الناس لم يمت * ولكنّ حمد الناس ليس بمخلد ولكنّ منه باقيات وراثة * فأورث بنيك بعضها وتزوّد تزوّد إلى يوم الممات فإنّه * وإن كرهته النفس آخر موعد < / شعر > معناه : فلو كان ثناء يخلد الناس ، وقال الآخر [4] : < شعر > يا أيها المائح دلوي دونكا * إني رأيت الناس يحمدونكا يثنون خيرا ويمجّدونكا < / شعر > والشكر معناه في كلامهم : أن تصف الرجل بنعمة سبقت منه إليك . قال النبي ( صلى اللَّه عليه وسلم ) : « من أزّلت إليه نعمة فليشكرها » [5] . معناه : فليصف صاحبها بإنعامه عليه . وقد يقع الحمد على ما يقع عليه الشكر ، ولا يقع الشكر على ما يقع عليه الحمد ، الدليل على هذا : أن العرب تقول : قد حمدت فلانا على حسن خلقه وعلى شجاعته وعلى عقله ، ولا يقولون : قد شكرت فلانا على حسن خلقه وعقله وشجاعته . فالحمد أعمّ من الشكر ، ولذلك افتتح اللَّه تبارك وتعالى فاتحة الكتاب فقال : * ( الْحَمْدُ لِلَّه رَبِّ الْعالَمِينَ ) * [6] .
[1] الحطيئة ، ديوانه 161 . [2] لم أقف عليه . [3] ديوانه 236 . [4] رؤبة في الوساطة 275 ، وما لم ينشر من الأمالي الشجرية : القسم الأول 184 . وقد أخل بها ديوانه . ونسب في الخزانة 3 / 15 إلى راجز جاهلي من بني أسيد بن عمرو . والمائح الذي ينزل في البئر إذا قل الماء ، فيملأ الدلو . [5] غريب الحديث 1 / 14 . وأزلت : أسديت . [6] سورة الفاتحة : آية 2 .