حتى تفجّرت السماء بمائها واكتظَّ الوادي بثجيجه » [1] . فمعنى اكتظ : امتلأ ، والثّجيج : الماء المثجوج أي المصبوب ، قال اللَّه تعالى : * ( وأَنْزَلْنا مِنَ الْمُعْصِراتِ ماءً ثَجَّاجاً ) * [2] أي : منصبّا . وقولهم : فلان يكظم غيظه قال أبو بكر : معناه : يحبسه ولا يزيله بما يجد له روحا من قول أو فعل . وأصل الكظم في اللغة : حبس البعير ما في جوفه وإمساكه عن الاجترار . أنشدني أبي - رحمه اللَّه - قال : أنشدني الطوسي للراعي [3] : < شعر > وأفضن بعد كظومهنّ بجّرة * من ذي الأباطح إذ رعين حقيلا < / شعر > أراد : دفعن بالجرة واجتررن بعد أن كن كظما لا يجتررن . وأنشد الطوسي أيضا : < شعر > فهنّ كظوم ما يفضن بحرّة * لهن بمبيّض اللَّغام صريف [4] < / شعر > ومعنى الإفاضة الدفع بالكثرة . قال اللَّه عز وجل : * ( مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ ) * [5] . وأنشدنا أبو العباس لأبي ذؤيب [6] يصف الحمار والأتن : < شعر > وكأنهنّ ربابة وكأنّه * يسر يفيض على القداح ويصدع < / شعر > شبه الأتن بالقداح المجتمعة . وأصل الربابة : جلدة تجمع القداح ، واليسر : الداخل في الميسر وصاحب الميسر . والميسر : القمار . وقوله : يفيض على القداح ويصدع ، معناه : يفيض بالقداح ، ومعنى ذلك : أن هذا الحمار يجمع الأتن ويفرقها . وأصل الصدع الإظهار ، قال اللَّه عز وجل : * ( فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ ) * [7] ، وقال جرير [8] :
[1] الفائق 3 / 159 ، النهاية 3 / 177 . [2] سورة النبأ : آية 14 . [3] شعره : 132 وفيه : ذي الأبارق . [4] للملقطي في اللسان ( كظم ) . [5] سورة البقرة : آية 199 . [6] ديوان الهذليين 1 / 6 . [7] سورة الحجر : آية 94 . [8] ديوانه 175 ، والجنف : الميل .