والحبل توقعه العرب على السبب ، وما يوصف الرجل بالرجل تشبيها بالحبل المعروف ، قال اللَّه عز وجل : * ( واعْتَصِمُوا بِحَبْلِ الله جَمِيعاً ولا تَفَرَّقُوا ) * [1] ، أراد : بعهده وما يصلكم به . وقال عز وجل : * ( ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ ما ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ الله وحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وباؤُ بِغَضَبٍ مِنَ الله ) * [2] ، أراد : ألا أن يعتصموا بعهد من اللَّه ، فأضمر الفعل ، وأقام الحبل مقام العهد ، وقال الشاعر : < شعر > فلو حبلا تناول من سليم * لمدّ بحبلها حبلا متينا < / شعر > أراد بالحبل : العهد . وقال الآخر [3] : < شعر > وإذا تجوّزها حبال قبيلة * أخذت من الأخرى إليك حبالها < / شعر > أراد بالحبال : العهود ، والسبب المذكور في القرآن هو الحبل ، سماه اللَّه - عز وجل - سببا ، لأنه يوصل من تمسّك به إلى الأمر الذي يؤمّه . وكذلك الأسباب المعروفة ، هي : وصلات وأسباب تصل شيئا بشيء . يقال : فلان سبب فلان ، يراد به : موصله وعاقد الأمر بينه وبينه . قال اللَّه عز ذكره : * ( وتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبابُ ) * [4] ، فمعناه : الوصلات التي كانوا يتواصلون بها في الدنيا ، وتنعقد المودّات بينهم من أجلها . وقولهم : رجل واش قال أبو بكر : في الواشي ثلاثة أقوال : أحدهن أنه سمي واشيا لاستخراجه الأخبار ، وتوصله إلى معرفتها وإشاعتها ، من قول العرب : فلان يستوشى الخبر إذا كان يستخرجه ، قال الشاعر [5] :
[1] سورة آل عمران : آية 103 . [2] سورة آل عمران : آية 112 . [3] الأعشى ، ديوانه 24 . [4] سورة البقرة : آية 166 . [5] ساعدة بن جؤية ، ديوان الهذليين 1 / 203 ، وفيه : إذا ما نابهم فزع . والسنور : ما عمل من حلق الحديد من درع أو مغفر . والجذم : السياط .