وقولهم : أفعل كذا على ما يسوءه وينوءه قال أبو بكر : معناه : على ما يسوءه ويميله ويثقله . قال اللَّه عز وجل : * ( وآتَيْناه مِنَ الْكُنُوزِ ما إِنَّ مَفاتِحَه لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ ) * [1] ، فمعناه : ما إن مفاتحه لتنيء العصبة ، أي تثقلهم وتميلهم ، فلما دخلت الباء في العصبة انفتحت التاء ، كما تقول : هو يذهب بالأبصار ، وهو يذهب الأبصار . قال الفراء : أنشدني بعض العرب في صفة قوس : < شعر > حتى إذا ما التأمت مواصله * وناء في شقّ الشّمال كاهله [2] < / شعر > يعني : الرامي ، وأنه لما أخذ القوس ونزع ، مال عليها . وقال الفراء : إنما حذفوا الألف فقالوا : على ما ساءه وناءه ، ولم يقولوا : ساءه وأناءه ، ليزدوج الكلام ، فيكون ناء على مثال ساء ، كما قالوا : أكلت طعاما فهنأني ومرأني ، فلم يأتوا بالألف في أمرأني ليزدوج مع هنأني ، ولو أفردوه لأدخلوا فيه الألف فقالوا : أمرأني الطعام ، ولا يقولون : مرأني . وقال أبو عبيدة : معنى قوله : * ( ما إِنَّ مَفاتِحَه لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ ) * : ما إن العصبة لتنوء بمفاتحه ، فقدّم وأخّر ، كما قال الشاعر : < شعر > إنّ سراجا لكريم مفخره * تحلى به العين إذا ما تجهره [3] < / شعر > أراد : يحلى بالعين ، فقدّم وأخّر . ومعنى قول أبي عبيدة : ما إن العصبة لتنوء بمفاتحة : لتنهض بمفاتحة ، يقال : نؤت [4] بالشيء إذا نهضت به . قال الشاعر [5] : < شعر > وقامت ترائيك مغدودنا * إذا ما تنوء به آدها < / شعر > معناه : إذا ما تنهض به . والعصبة في الآية : أربعون رجلا ، والمفاتح : الخزائن .
[1] سورة القصص : آية 76 . [2] بلا عزو في معاني القرآن 2 / 130 . وفي الأصل . [3] بلا عزو في معاني القرآن 2 / 310 . [4] وهو من الأضداد . الأضداد 144 . [5] حسان بن ثابت ، ديوانه 102 ، والمغدودن : الشعر الكثير ، وآدها : أثقلها .