وقولهم : قد أدّى فلان الجزية قال أبو بكر : الجزية معناها في كلامهم : الخراج المجعول عليه . وإنما سميت جزية ، لأنها قضاء منه لما عليه ، أخذ من قولهم : قد جزى يجزي إذا قضى ، قال اللَّه عز وجل : * ( واتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً ) * [1] ، معناه : لا تقضي ولا تغني . وقال الأصمعي : قيل لأبي هلال : ما كان الحسن يقول في كذا وكذا ؟ قال : كان يقول : أي ذلك فعل جزي عنه ، أي قضي عنه . ومن ذلك قول النبي صلَّى اللَّه عليه وسلم لأبي بردة ابن نيار [2] في الجذعة التي أمره أن يضحّي بها : ( ولا تجزي عن أحد بعدك ) [3] معناه : ولا تقضي . ومن ذلك الحديث الذي يروى عن عبيد بن عمير أنه قال : « كان رجل يداين الناس ، وكان له كاتب ومتجاز ، وكان يقول له : إذا رأيت الرجل معسرا فأنظره ، فغفر اللَّه له » [4] . فالمتجازي : المتقاضي . وقال الأصمعي [5] : أهل المدينة يقولون : قد أمرت فلانا يتجازى ديني على فلان ، أي يتقاضاه . ويقال : أجزاني الشيء يجزيني فهو مجزي ، إذا كفاني . قال أبو الأسود [6] : < شعر > دع الخمر يشربها الغواة فإنني * رأيت أخاها مجزيا لمكانها فإن لا يكنها أو تكنه فإنه * أخوها غذته أمّه بلبانها < / شعر > ومن ذلك قول الناس : قد اجتزأت بكذا وكذا ، وقد تجزّأت به . قال الشاعر [7] :
[1] سورة البقرة : آية 123 . [2] هو هانئ بن نيار بن عمرو ، صحابي ، توفي 45 ه - . ( تهذيب التهذيب 12 / 19 ، الإصابة 6 / 523 ) . [3] غريب الحديث 1 / 56 . [4] غريب الحديث 1 / 57 . [5] غريب الحديث 1 / 57 . [6] ديوانه 128 . [7] أبو حنبل الطائي كما في غريب الحديث 1 / 58 . وجداع : السنة المجدبة . أمات الرباع : الإبل . والرباع : جمع ربع بضم الراء وفتح الباء : الفصيل ينتج في الربيع . وينظر قصته مع امرئ القيس . والمثل ( أوفى من أبي حنبل ) في ديوان امرئ القيس بشرح الأعلم الشنتمري 217 .