السدر فإنه أغفر للوسخ ، أي : أستر للوسخ ، وفي يصبغ ثلاث لغات ؛ يقال : قد صبغ الثوب يصبغه ويصبغه ويصبغه ، وكذلك دبغ الجلد يدبغه ويدبغه ويدبغه ، ونغق الغراب ينغق وينغق وينغق ، وكذلك نهق الحمار ينهق وينهق وينهق . قال أبو بكر : حكى هذا أبو العباس عن سلمة [1] عن الفراء . وقولهم : اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجدّ منك الجدّ قال أبو بكر : فيه ثلاثة أقوال : قال أبو عبيدة القاسم بن سلام ، المعنى : ولا ينفع ذا الغنى منك غناه ، وإنما ينفعه طاعتك والعمل بما يقربه منك ، واحتج بقول النبي صلَّى اللَّه عليه وسلم : « قمت على باب الجنة فإذا عامة من يدخلها الفقراء وإذا أصحاب الجدّ محبوسون » . فمعناه : وإذا أصحاب الغنى في الدنيا محبوسون ، قال : وهو بمنزلة قوله عز وجل : * ( يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ ولا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى الله بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ) * [2] ، وقوله : * ( وما أَمْوالُكُمْ ولا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنا زُلْفى إِلَّا مَنْ آمَنَ وعَمِلَ صالِحاً ) * [3] . وقال غير أبي عبيد : الجد في هذا الموضع : الحظ ، وهو الذي تسميه العوام : البخت ، والمعنى عندهم : ولا ينفع ذا الحظ منك الحظ ؛ إنما ينفعه العمل بطاعتك ، وقالوا هو مأخوذ من قول العرب : لفلان جد في الدنيا ، أي : حظ وبخت ، قال امرؤ القيس [4] : < شعر > أيايا لهف نفسي إثر قوم * هم كانوا الشفاء فلم يصابوا وقاهم جدّهم ببني أبيهم * وبالأشقين ما كان العقاب < / شعر > أراد : وقاهم حظَّهم . وقال الأخطل [5] :
[1] سلمة بن عاصم ، والد المفضل صاحب كتاب الفاخر . [2] سورة الشعراء : آية 89 . [3] سورة سبأ : آية 37 . [4] ديوانه : ص 138 . [5] ديوان الأخطل : ص 104 .