< شعر > فنخّب القلب ومارت به * مور عصافير حشا المرعد < / شعر > والقول الثاني : أن الأصل في قولهم : كأنما على رؤوسهم الطير ، أنّ سليمان بن داود عليهما السلام كان يقول للريح : أقلَّينا ، وللطير : أظلَّينا ، فتقله وأصحابه الريح ، وتظلهم الطير ، وكان أصحابه يغضون أبصارهم هيبة له وإعظاما ، ويسكنون فلا يتحركون ، ولا يتكلمون بشيء إلَّا أن يسألهم عنه فيجيبون . فقيل للقوم إذا سكنوا : هم حلماء وقراء كأنما على رؤوسهم الطير ، تشبيها بأصحاب سليمان ، ومن ذلك الحديث الذي يروى : ( كان رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلم إذا تكلم أطرق جلساؤه كأنّما على رؤوسهم الطير ) [1] وقولهم : أباد اللَّه خضراءهم وقال أبو بكر : روى سهل بن محمد السجستاني عن الأصمعي أنه قال : يقال : أباد اللَّه غضراءهم ، أي : خيرهم وغضارتهم ، قال : ولا يقال : خضراءهم ، قال : والغضراء : طينة علكة خضراء ، يقال : أنبط الرجل بئره في غضراء . قال : وقال الأصمعي : هذا أصل الحرف ، قال : ويقال : قوم مغضورون ، إذا كانوا في خير ونعمة . قال الأصمعي : والخضراء في غير هذا : اسم من أسماء الكتيبة . وقال غير الأصمعي : قول العرب : أنبط الرجل في غضراء ، استخرج الماء في أرض سهلة طيبة التربة عذبة الماء ، من ذلك قول اللَّه عز وجل * ( الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَه مِنْهُمْ ) * [2] ، معناه : يستخرجونه منهم ، وأصله من النّبط ، وهو : الماء الذي يخرج من البئر أول ما تحفر ، وإنما سمي النبط نبطا : لاستنباطهم ما يخرج من الأرضين . وروى غير السجستاني عن الأصمعي أنه قال : يقال : أباد اللَّه خضراءهم ، بالخاء ، أي : خصبهم وسعتهم ، واحتج بقوله النابغة : < شعر > يصونون أبدانا قديما نعيمها * بخالصة الأردان خضر المناكب < / شعر >