ويعني بخضر المناكب : سعة ما هم فيه من الخصب ، واحتج بقول الفضل بن العباس بن عتبة بن أبي لهب ، وهو الأخضر : < شعر > وأنا الأخضر من يعرفني * أخضر الجلدة في بيت العرب < / شعر > أراد بأخضر الجلدة : ما هو فيه من الخصب وسعة الأمر . وقال أبو العباس أحمد بن يحيى : قال قوم من أهل اللغة : يقال : أباد اللَّه غضراءهم : أي : حسنهم وبهجتهم ، قالوا : والغضارة : الحسن والبهجة ، واحتجوا بقول الشاعر [1] : < شعر > أحثو التراب على محاسنه * وعلى غضارة وجهه النّضر < / شعر > وقال ابن الأعرابي : أباد اللَّه خضراءهم ، معناه : أباد اللَّه سوادهم ، والخضرة عند العرب : السواد ، يقال : ليل أخضر ، لسواده . قال الشاعر [2] : < شعر > يا ناق خبّي خببا زورّا * وعارضي الليل إذا ما اخضرّا < / شعر > معناه : إذا ما اسودّ . وقال الشمّاخ [3] : < شعر > وليل كلون الساج أسود مظلم * قليل الوعى داج كلون الأرندج < / شعر > الساج : طيلسان أخضر ، وجمعه سيجان ، ومن ذلك قال أبي هريرة [4] : ( أصحاب الدجّال عليهم السّيجان ) . الوعى : الصوت ، والأرندج : جلود سود . وإنما قيل للأسود : أخضر ، لأن الشيء إذا اشتدت خضرته ، رئي أسود . وقال أبو جعفر أحمد بن عبيد : يقال : أباد اللَّه خضراءهم وغضراءهم ، معناه : أباد اللَّه جماعتهم ، ذهب أبو جعفر إلى قول ابن الأعرابي : أباد اللَّه سوادهم ، لأنّ سواد القوم : معظمهم . قال أبو سفيان بن حرب [5] لرسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلم يوم فتح مكة : يا رسول اللَّه قد أبيح سواد قريش فلا قريش بعد اليوم .
[1] الخنساء ، ديوانها 41 . [2] القطامي ، ديوانه 120 . [3] ديوانه 78 . والشماخ : هو معقل بن ضرار ، مخضرم ، ت 22 ه . ( المحبر 381 ، الشعر والشعراء 315 ، الأغاني 9 / 158 ) . [4] عبد الرحمن بن صخر ، صحابي ، توفي 59 ه . ( صفة لصفوة 1 / 685 ، أسد الغابة 6 / 318 ، تذكرة الحفاظ 1 / 32 ) . [5] صخر بن حرب : والد معاوية ، توفي 31 ه . ( المنمق 532 ، نكت الهميان 172 ، الإصابة 3 / 412 ) .