نام کتاب : الإيضاح في علوم البلاغة المعاني والبيان والبديع نویسنده : الخطيب القزويني جلد : 1 صفحه : 244
وذكر الشيخ عبد القاهر رحمه الله للاستطراف في تشبيه البنفسج بنار الكبريت وجها آخر وهو أنه أراك شبها لنبات غض يرف وأوراق رطبة من لهب نار في جسم مستول عليه اليبس ومبني الطباع وموضوع الجبلة على أن الشيء إذا ظهر من مكان لم يعهد ظهوره منه وخرج من موضع ليس بمعدن له كانت صبابة النفوس به أكثر وكان الشغف به أجدر وأما الثاني فيكون في الغالب إيهام أن المشبه به أتم من المشبه في وجه الشبه وذلك في التشبيه المقلوب وهو أن يكون الأمر بالعكس كقول محمد بن وهيب ( وبدا الصباح كأن غرته * وجه الخليفة حين يمتدح ) فإنه قصد إيهام أن وجه الخليفة أتم من الصباح في الوضوح والضياء واعلم أن هذا وإن كان في الظاهر يشبه قولهم لا أدري أوجهه نور أم الصبح وغرته أضوأ أم البدر وقولهم إذا أفرطوا نور الصباح يخفى في ضوء وجهه أو نور الشمس مسروق من نور جبينه ونحو ذلك من وجوه المبالغة فإن في الأول خلابة وشيئا من السحر ليس في الثاني وهو كأنه يستكثر للصباح أن يشبهه بوجه الخليفة ويوهم أنه احتشد له واجتهد في تشبيه يفخم به أمره فيوقع المبالغة في نفسك من حيث لا تشعر ويفيدكها من غير أن يظهر ادعاؤه لها لأنه وضع كلامه وضع من يقيس على أصل متفق عليه لا يشفق من خلاف مخالف وتهكم متهكم والمعاني إذا وردت على النفس هذا المورد كان لها نوع من السرور عجيب فكانت كالنعمة التي لا يدركها المنة وكالغنيمة من حيث لا تحتسب وفي قوله حين يمتدح
244
نام کتاب : الإيضاح في علوم البلاغة المعاني والبيان والبديع نویسنده : الخطيب القزويني جلد : 1 صفحه : 244