بمستنكر أن تسمى الساعات أطرافا ، كما قيل أصيلالة وعشيّات في آخر الأصيل ، والعشية . قال أبو العباس ثعلب أطراف النّهار قيل يعني صلاة الفجر ، والظهر ، والعصر ، وهو وجه أن جعل الظهر ، والعصر من طرف النّهار الآخر ، ثم يضم الفجر إليهما فيكون أطرافا ، وقال أبو العباس المبرد : معناه أطراف ساعات النّهار أي من اللَّيل سبّحه وأطعه في أطراف ساعات النّهار ( الأناء ) الساعات واحدها أنى ، ويكون من آنيت - أي أخرّت ومن قول الشّاعر : < شعر > و أنيت العشاء إلى سهيل * أو الشّعرى فطال بي الإناء < / شعر > وقال العجّاج : طال الإناء ، وانتظر النّاس الغير من أمرهم على يديك ، والتور طال الإناء وزايل الحق الأشر . وفي القرآن : * ( غَيْرَ ناظِرِينَ إِناه ) * فأما قوله تعالى : * ( وزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ ) * [ سورة هود ، الآية : 114 ] ، فالزّلف السّاعات ومن أبيات الكتاب : < شعر > طيّ اللَّيالي زلفا فزلفا * سماوة الهلال حتّى احقوقفا < / شعر > والزّلفة واحدة الزّلف ، ويقال لفلان عندي زلفة ، وزلفى ، وهي القربة ، وفي القرآن : * ( وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ ) * * [ سورة الشعراء ، الآية : 90 ] أي قرّبت ، وسميت المزدلفة لاقتراب النّاس إلى منى بعد الإفاضة من عرفات ، وانتصب سماوة على المفعول من طي اللَّيالي ، والمعنى أنّ اللَّيالي طوت شخص الهلال ، ونقصته شيئا شيئا حتى ضمر ودقّ . قوله تعالى : * ( إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ) * [ سورة هود ، الآية : 114 ] يجوز أن يريد أنّ الحسنات من أفعال النبيّ صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم ، والمؤمنين يبطلن سيئات الكفّار والمجرمين ، وهذا بشارة من اللَّه للمؤمنين بأنه سيعلي كعبهم ، وينفذ كلمتهم كما قال : * ( بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ فَيَدْمَغُه فَإِذا هُوَ زاهِقٌ ) * [ سورة الأنبياء ، الآية : 18 ] ويجوز أن يكون مثل قوله تعالى : * ( إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْه نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ ) * [ سورة النساء ، الآية : 30 ] ويكون هذا مثل قوله تعالى : * ( لِيُظْهِرَه عَلَى الدِّينِ كُلِّه ولَوْ كَرِه الْمُشْرِكُونَ ) * * [ سورة التوبة ، الآية : 33 ] ، وقوله تعالى : * ( ذلِكَ ذِكْرى لِلذَّاكِرِينَ ) * [ سورة هود ، الآية : 114 ] أي أخبرناك بما أخبرنا من ضمان النصّرة ، وقمع الباطل ، وإعلاء كلمة الحق لكي تتذكر به فيزداد حرصا على الإدخار والإصلاح ولأنك إذا أقررت به والتزمته فتذكرته تيسّر لك المطلوب وقد قال تعالى : * ( إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَه قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وهُوَ شَهِيدٌ ) * [ سورة ق ، الآية : 37 ] يريد أنّ المأمور بهذا ، أو الموعوظ إذا قبله حصل لك بذلك ذكر في الذّاكرين ، وهذا ترغيب لأنّ ما يبقى به الذكَّر ليس كما يلغى وينسى . قال : < شعر > فقال له هل تذكرنّ مخبرا * يدل على غنم ويقصر معملا < / شعر >