نام کتاب : الطب النبوي نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 203
أمرت أن تعتزلها . يعنى : في الحيض " . وقال علي بن طلحة عنه : " يقول : في الفرج ، ولا تعده إلى غيره " . وقد دلت الآية على تحريم الوطئ في دبرها ، من وجهين : ( أحدهما ) : أنه إنما أباح إتيانها في الحرث - وهو موضع الولد - لا في الحش الذي هو موضع الأذى . وموضع الحرث هو المراد من قوله : ( من حيث أمركم الله ) الآية . قال تعالى [1] : ( فأتوا حرثكم أنى شئتم ) . وإتيانها في قبلها من دبرها ، مستفاد من الآية أيضا . لأنه قال : ( أنى شئتم ) ، أي من حيث شئتم ، من أمام ، أو من خلف . قال ابن عباس : " ( فأتوا حرثكم ) يعنى : الفرج " . وإذا كان الله حرم الوطئ في الفرج ، لأجل الأذى العارض - : فما الظن بالحش الذي هو محل الأذى اللازم مع زيادة المفسدة بالتعرض لانقطاع النسل ، والذريعة القريبة جدا من أدبار النساء ، إلى أدبار الصبيان . ( وأيضا ) : للمرأة [2] حق على الزوج في الوطئ ، وطؤها في دبرها يفوت حقها ، ولا يقضى وطرها ، ولا يحصل مقصودها . ( وأيضا ) : فإن الدبر لم يتهيأ لهذا العمل ولم يخلق له ، وإنما لذي هيئ له الفرج . فالعادلون عنه إلى الدبر خارجون عن حكمة الله وشرعه جميعا . ( وأيضا ) : فإن ذلك مضر بالرجل ، ولهذا ينهى عنه عقلاء الأطباء : من الفلاسفة وغيرهم . لان للفرج خاصية في اجتذاب الماء المحتقن ، وراحة الرجل منه . والوطئ في الدبر لا يعين على اجتذاب جميع الماء ، ولا يخرج كل المحتقن : لمخالفته للامر الطبيعي . ( وأيضا ) : يضر من وجه آخر ، وهو : إحواجه إلى حركات متعبة جدا ، لمخالفته للطبيعة . ( وأيضا ) : فإنه محل القذر والنجو ، فيستقبله الرجل بوجهه ، ويلابسه