نام کتاب : الأغذية والأدوية نویسنده : الإسرائيلي جلد : 1 صفحه : 34
وأما من انفعالها فبما نجده من فعل النار في العسل وغيره من الأشياء الحلوة ، لأنا نجد العسل إذا طبخ بالنار وقوي فعل النار فيه وجاوز المقدار ، قلت رطوبته وتغيرت حلاوته واكتسب ملوحة . فإذا زاد فعل النار فيه تأثيرا وقارب الافراط ، ازداد جفافا وانتقل إلى المرارة ، فإذا أفرط فعل النار فيه حتى تفنى أكثر رطوبته الجوهرية وتقارب العدم ، صار حريفا . وجميع القول : أن ما كان من الطعوم حريفا أو مرا أو مالحا كان مزاجه حارا ، وما كان منها عفصا أو قابضا أو حامضا كان مزاجه باردا ، وما كان حلوا أو دسما أو تفها كان مزاجه معتدلا . وما كان من الطعوم جوهره لطيفا كان إما دسما وإما حريفا وإما حامضا . وما كان منها جوهره غليظا كان إما حلوا وإما عفصا وإما مرا . وما كان منها جوهره معتدلا متوسطا بين اللطافة والغلظ كان إما قابضا وإما مالحا وإما تفها [1] . فإذا تركبت أصناف لطافة الجوهر وغلظه واعتداله مع أصناف حرارة المزاج وبرودته ، تولد من ذلك تسعة ضروب من التركيب ، ويكون منها تسعة ضروب من الطعام : أحدها : الحلاوة ، وهي من تركيب مزاج حار مع جوهر غليظ . والثاني : الدسومة ، وهي من تركيب مزاج حار مع جوهر لطيف . والثالث : التفاهة ، وهي من تركيب مزاج معتدل مع جوهر معتدل . والرابع : الحموضة ، وهي من تركيب مزاج بارد مع جوهر لطيف تشوبه أرضية . والخامس : القبوضة ، وهي من تركيب مزاج بارد مع جوهر معتدل . والسادس : العفوصة ، وهي من تركيب مزاج بارد مع جوهر غليظ . والسابع : الحرافة ، وهي من تركيب مزاج حار مع جوهر لطيف . والثامن : الملوحة ، وهي من تركيب مزاج حار مع جوهر معتدل . والتاسع : المرارة ، وهي من تركيب مزاج حار مع جوهر غليظ . ومتى سمعتني أقول في شئ من الأشياء : أنه حار أو بارد أو رطب أو يابس أو لطيف أو غليظ ، فإنما ذلك بإضافته إلى المزاج المعتدل لان الأوائل لما نظروا إلى جميع الطعوم وجدوها لا تخلو من أن تكون إما لذيذة عند الحاسة ، وإما غير لذيذة . فما كان منها لذيذا علموا أنه في غاية الاعتدال والتوسط لأنه مشاكل لمزاج بدن الانسان . ولذلك لم تنافره الحاسة وتكرهه مثل الماء المعتدل الفتورة اللذيذ عند حاسة اللمس . وما انحرف عن ذلك قليلا وأثر في الحاسة تأثيرا ما مثل الماء القوي الفتورة ، علموا أنه قد خالف بدن الانسان مخالفة يسيرة ونسبوه إلى الدرجة الأولى من الحرارة . وما زاد انحرافه على ذلك قليلا وصار مثل الماء الحار القوى الحرارة ، نسبوه إلى الدرجة الثانية من الحرارة ، وما زاد انحرافه على ذلك أيضا حتى ينافر الحاسة ولا تدانيه إلا كرها نسبوه إلى الدرجة الثالثة من الحرارة . وما زاد على ذلك وصار محرقا ومفرقا للاتصال بسرعة مفسدا للمزاج ، نسبوه إلى الدرجة الرابعة . وكذلك فعلوا في البرودة والرطوبة واليبوسة . ولما لم يجد الأوائل مرتبة يترقون إليها بعد الاحراق وتفرق الاتصال ، وقفوا هناك وصيروا الدرج
[1] في الهامش هذا التعليق : لي : ( كونه ها هنا قد جعل المر أغلظ جوهرا من المالح كما ذكر حنين ، وقد وضعت على هذا الموضع من كلام حنين خشية كرهنا شيئا منها ) .
34
نام کتاب : الأغذية والأدوية نویسنده : الإسرائيلي جلد : 1 صفحه : 34