responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الأغذية والأدوية نویسنده : الإسرائيلي    جلد : 1  صفحه : 198


وأما الأدوات [1] التي تستعمل فيها النار فتكون على ثلاثة ضروب : أحدها : التنور ، والثاني :
الفرن ، والثالث : الطابق [2] . فأما نار التنور فتكون على ضربين : لان منها ما يفعل بالمباشرة ، ومنها ما يفعل بغير مباشرة . فأما الذي يفعل بغير مباشرة ، فمثل نار التنور الذي يوقد وقودا جيدا ، وتترك فيه قدور فخار لطاف حتى تحمى ثم تشال من التنور ويجعل فيها الخبز وترد إلى التنور حتى ينضج الخبز حسنا .
وما كان كذلك ، كان أفضل الخبز وأحمده وأعدله غذاء وأسرعه انهضاما ، لان النار قد نفذت في جميع أجزائه نفوذا متساويا ، وفعلت فيها فعلا معتدلا محكما ولطفت لزوجة الخبز وغلظه ، لأنها لم تباشره فيفعل في ظاهره أكثر من فعلها في باطنه . لكنها فعلت من بعد قليلا قليلا وأنضجته نضجا كاملا . وإن كان العجين مع ذلك معتدل الخمير والملح محكم الصنعة في عجنه وعركه وتخميره ، وكان مع ذلك لينا رخوا وخبز على مثال ما وصفنا في قدور في جوف تنور ، كان ألطف وأفضل لغذائه وأسرع لانهضامه ، لان النار تلطف اللبث في إنضاجه للينه ورخاوته وزيادة رطوبته ، فتبالغ في تلطيف غلظه ولزوجته وتخليل رياحه ونفحه .
وإن جعل عوض الماء الذي يعجن به العجين ، ماء قد مرس فيه دقيق وصفي ، كان أكثره لغذائه وأسرع لنفوذه في العروق . وأما كثرة غذائه فلما يفيده من الدقيق ويزيد فيه من جوهر الحنطة الذي انحل من الدقيق في الماء الذي مرس فيه ، وذلك أن الذي يخالطه الماء من الدقيق إذا مرس فيه ، أفضل ما في الدقيق وأكثره جوهرا وغذاء . وأما نفوذه في العروق ، فلما يكتسب من ماء الدقيق من العذوبة واللذاذة وكثرة الجلي . وذلك أن الذي يخالط الماء من الدقيق أيضا أعذب ما فيه وأكثره لذاذة وجلاء . فلعذوبته ولذاذته تقبله الأعضاء وتجذبه إليها بسرعة ، ولجلائه يسرع نفوذه في العروق .
وإن جعل فيه عوض ماء الدقيق ماء نخال ممروس في ماء حار مصفى ، أفاد ذلك جلاء وتنقية لما في الصدر والرئة من الرطوبة اللزجة ، ونقي المعدة والمعاء ، وأعان على سرعة الانحدار وتليين البطن .
وذلك لما في النخال من قوة الجلاء لزيادة سخونته .
وأما ما تفعل من النيران من المباشرة ، فنار التنور الذي يلزق الخبز في باطنه . فإن النار تباشر الخبز وتفعل في ظاهره من قرب ، وتجففه قبل أن تتمكن من باطنه ، وتلطف لزوجته وغلظه . ولذلك صار هذا النوع الأول في اللطافة والغذاء وسرعة الانهضام ، وذلك أن بينهما من المخالفة ما ليس باليسير لجهتين : إحداهما : أن النار لما كانت تفعل في هذا النوع بالمباشرة ، لم يطل اللبث في فعلها فيه ، فيمكن أن تتمكن من تلطيف غلظه ولزوجته وتخليل رياحه ونفخه كتمكنها في النوع الأول من قرب بسرعة ، وفعلها في النوع الأول من بعد بتمهل . والجهة الثانية : أنه لما كانت النار تباشر العجين وتفعل فيه من قرب ، صار فعلها في ظاهره أكثر من فعلها في باطنه ، لان مباشرتها لظاهره أسبق ، وفعلها فيه



[1] الطابق والطابق ، جمع طوابق وطوابيق : قدر من حديد أو نحاس يطبخ فيه .
[2] في الأصل : الأدلة .

198

نام کتاب : الأغذية والأدوية نویسنده : الإسرائيلي    جلد : 1  صفحه : 198
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست