نام کتاب : الأغذية والأدوية نویسنده : الإسرائيلي جلد : 1 صفحه : 140
وأما اختلاف اللبن على حسب أوقات السنة ، فيكون على ضروب ، من قبل أن اللبن في أول الربيع ، يكون أكثر ذلك أرق وأشبه بالماء . وفى آخر الربيع وأول الصيف ، يكون أعدل وأفضل غذاء . وفى سائر الصيف وأول الخريف يكون أثخن وأغلظ وأقل مائية . والسبب في ذلك : أن اللبن في أول الربيع يكون أكثر ذلك قريبا من وضع الحيوان جملة . وكل لبن يقرب من وضع الحيوان جملة ، فهو أرق وأكثر مائية لاجتماع الرطوبات في أبدان الحيوان في مدة زمان الحمل ، لانطباق الرحم وامتناع التحلل منه . وإذا اجتمعت الرطوبات في أبدان الحيوان في زمان الحمل ، وجب أن يكون اللبن بالقرب من وضع الحيوان جملة أكثر مائية بالطبع ، وأضر بالمعدة ، لأنه يرخيها ويفسدها ويهيج القئ والغثاء ويلين خشونتها ويزلقها ويطلق البطن . فإذا مضى أربعون يوما وتوسط الربيع ، أو صار إلى آخره ، ودخل الصيف ، فنيت تلك الرطوبات الفضلية من أبدان الحيوان واعتدل اللبن وانقاد للانفعال ، وقويت الحرارة الغريزية على هضمه في الضرع وصار محمود الغذاء مربيا للأبدان . وإذا تمادى به الزمان وصار إلى آخر الصيف وأول الخريف ، قوي حر الهواء على الأبدان ونشف بعض رطوباتها الجوهرية ، وازدادت رطوبة اللبن قلة ، وغلظ ، وزال عن الاعتدال وصار مذموما غليظا بطئ الانهضام ، حابسا للبطن لقلة مائيته وكثرة جبنيته . ولذلك صار هذا النوع من اللبن كثيرا ما يتجبن في المعدة ، ويحدث أمراضا خبيثة ، لان اللبن المتجبن في المعدة مع إضراره بها ، يولد بخارات تترقى صعدا ، ويكون سببا وكيدا للاختناق وضيق النفس والصداع . فإن زاد الزمان به تماديا ، وصار إلى الخريف وآخره ، ازدادت رطوبته الجوهرية قلة ، وصار في طبيعة اللبأ [1] . ثم لا تزال رطوبته تتحلل رويدا رويدا حتى تقارب الفناء ويغلظ [2] ويجفو عن الانمياع والسيلان وينقطع أصلا . ولهرمس في مثل هذا فصل قال فيه : إن أرطب ما يكون اللبن عند وضع الحيوان جملة ، ثم تنقص رطوبته قليلا قليلا حتى تقارب الفناء ، فيغلظ ويصير في طبع اللبأ . فإن عارضنا معترض باللبأ وقال : فلم صار اللبأ أغلظ الألبان وأقلها رطوبة ، وهو أقربها من وضع الحيوان جملة ، وقد شرطت في ابتداء كلامك أن أرطب الألبان ما كان قريبا من وضع الحيوان جملة ! . قلنا له : إن اللبأ يطول لبثه في الضرع ويقيم مدة يتهيأ معها فناء رطوبته الفضلية وأكثر رطوبته الجوهرية حتى يجاوز المقدار في الغلظ . ولو توهمنا أن اللبأ يخرج من الضرع وقتا يصير إليه أو بعده بيوم ، لما أمكن أن نجده إلا أرق الألبان وأكثرها مائية . ولكن لطول لبثه في الضرع ، يقوى فعل الحرارة الغريزية فيه باطنا ، وحرارة الهواء ظاهرا ، وتقل رطوبته حتى تقارب الفناء ، ويصير أغلظ الألبان وأثقلها . ولذلك صار إذا حمل على رماد حار أو طبخ في قدر داخل قدر ، فنيت رطوبته بسرعة وصار جبنيا . وإذا
[1] اللبأ : أول اللبن في النتاج . [2] كذا في الأصل . والأصح : ( فيغلظ ) .
140
نام کتاب : الأغذية والأدوية نویسنده : الإسرائيلي جلد : 1 صفحه : 140