responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الأغذية والأدوية نویسنده : الإسرائيلي    جلد : 1  صفحه : 110


والحركة فلا يكونان إلا بقوة من الحرارة الغريزية ، لم يمكن أن يكون الدماغ باردا لان البرودة من شأنها أن تحصر الرطوبات وتغلظها وتخدر الحس وتمنع من الحركة وتفسدها . وقال في موضع آخر : أن الدماغ لو كان باردا ، لعدم الانسان الفكر والذكر والفحص والتمييز لامتناع وجود ذلك مع ضعف الحرارة ونقصانها . وقد يستدل على ذلك من الشاهد ، لأنا نجد من قد غلب على مزاج دماغه البرد ، بعيد الفكر دائما ، قليل الذكر ، فاسد التمييز .
فقد بان من قول الفيلسوف أن الدماغ حار رطب باعتدال ، إلا أن الطبيعة احتالت وأكسبته برودة عرضية تمنع من التهابه كيلا يحترق بدوام حركته وجولان فكره ، فجففت ما غلى ، فجف الدماغ من الشحم واللحم ، بل صيرته معرى من ذلك ليصل إلى الدماغ من لطيف الهواء الخارج ما يسكن حره العرضي المكتسب من الحركة ، ويمنع من التهابه ، كما احتالت للقلب بالرئة والتنفس ، ليصل إليه من لطيف الهواء ما ينفي من البخارات الغليظة الحارة عنه ويرده إلى اعتداله وطبيعته كيلا تختنق الحرارة الغريزية وتطفأ .
في النخاع أعني مخ الفقار . فأما النخاع فمتصل بالدماغ . ولذلك ما قيل أنه من جوهر الدماغ ، إلا أنه أصلب كثيرا وبخاصة طرفه الأسفل من الصلب القريب من الذنب ، لأنه كلما بعد من الدماغ قلت رطوبته وازداد صلابة . ولذلك لا يغثي كما يغثي الدماغ ومخ العظام والدسم ، لأنه أقوى رطوبة ودسما منها كثيرا . إلا أنه إذا استحكم انهضامه نال البدن من غذائه غذاء ليس باليسير .
وأما الأعضاء المتوسطة بين الليانة والصلابة ، أعني العضل واللحم الأحمر المعرى من الشحم ، فإنها في غاية الاعتدال والتوسط بين الكيفيات الأربع . ولذلك صارت أعدل الأعضاء وأسرعها انهضاما وأسهلها نفوذا في العروق وأفضلها في تقوية البدن ، إلا أنها تنقسم قسمين : وذلك أن منها الخالص الصحيح مثل البشتمازق ووسط العضل ، ومنها الشبيه باللحم مثل الضرع والخصي والنغانغ والحنجرة والحلبلوب الذي إلى جانب القلب والرقبة .
فما كان منها خالص اللحم ، كان الأغلب على مزاجه الجوهر الدمي ، لأنه دم منطبخ منعقد منسوج بأعصاب دقاق وشيريانات [1] وعروق تخفى عن الحس للطافتها . ولذلك صارت أكثر الأعضاء دما وأعدلها غذاء وأبعدها من اللزوجة والغلظ . وقد يستدل على ذلك من جهتين :
إحداهما : أن ليس فيها [2] من الرطوبة واللزوجة ما يطفو على الطعام ويربو في المعدة ويشبع بسرعة عن غير حقيقة كما يفعل الشحم والدسم ، لكنها تهبط سفلا وتستقر في موضع الطبخ من المعدة



[1] الشريانات .
[2] في الأصل : فيه .

110

نام کتاب : الأغذية والأدوية نویسنده : الإسرائيلي    جلد : 1  صفحه : 110
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست