وبملاحظة النصوص التي وردت في هذا المجال نعرف : أن الشكوى التي ورد الترغيب في الابتعاد عنها هي الشكوى التي تستبطن استدرار عطف المشكو إليه ، نتيجة لشعوره بضعف الشاكي وعجزه ، والله لا يريد لعبده أن يكون ضعيفاً وعاجزاً إلا أمام الله عز وجل . . ومن الجهة الأخرى ، فإن الله تعالى لا يريد لعبده أن يعتقد بأن غير الله تعالى يملك له شيئاً من النفع أو الضر ، فإن هذا أمر مرغوب عنه ومرفوض ، لأن الله وحده هو مالك كل شيء ، وبيده النفع والضرر ، وهو الكبير المتعال . . وكذلك . . فإن الشكوى التي تستبطن استعظام الأمر الذي نزل بالشاكي واعتباره أن ذلك ينافي عدل الله سبحانه وتعالى ولطفه ورحمته . . إن هذه الشكوى مرغوب عنها شرعاً ، ومرفوضة جملة وتفصيلاً ، بل لا بد من الصبر والتسليم ، فعن الصادق ( عليه السلام ) : « من اشتكى ليلة فقبلها بقبولها ، وأدى إلى الله شكرها كانت له كفارة ستين سنة ، قال : قلت : وما قبلها بقبولها ؟ قال صبر على ما كان فيها » [1] . . وعنه ( عليه السلام ) : « أيما رجل اشتكى ، فصبر واحتسب ، كتب الله له من الأجر أجر ألف شهيد » [2] . . وعن النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، أنه قال : « يكتب أنين المريض حسنات ما صبر ، فإن جزع كتب هلوعاً » [3] . وورد : أن الصادق ( عليه السلام ) سئل عن حد الشكاية للمريض ، فقال : « إن الرجل يقول : حممت اليوم ، وسهرت البارحة ، وقد صدق ، وليس هذا
[1] البحار ج 81 ص 205 وفي الهامش عن ثواب الأعمال ص 175 . [2] طب الأئمة ص 17 والبحار ج 81 ص 206 عنه وعن أعلام الدين . [3] البحار ج 81 ص 211 وفي هامشه عن الدعائم ص 217 .