فإن كان اليوم فيكم مثل أبي بكر والمهاجرين والأنصار ، والأمة مجتمعة على إمامة واحد منكم ، فقيسوا أنفسكم بهم . وإلا ، فبالله عليكم ! استحيوا من الله ، ومن خلقه ، واعرفوا قدر أنفسكم ، فرحم الله من عرف قدر نفسه ، وأنزلها منزلتها ، وكف شره عن المسلمين ، واتبع سبيل المؤمنين . قال الله تعالى { ومن يتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا } [1] . فصل لما تقدم الكلام على الخوارج - وذكر مذهب الصحابة وأهل السنة فيهم ، وأنهم لم يكفروهم كفرا يخرج من الإسلام ، مع ما فيهم - بأنهم كلاب أهل النار ، وأنهم يمرقون من الإسلام ، ومع هذا كله لم يكفرهم الصحابة ، لأنهم منتسبون إلى الإسلام الظاهر - وإن كانوا مخلين بكثير منه لنوع تأويل - . وأنتم اليوم تكفرون من ليس فيه خصلة واحدة مما في أولئك . بل الذين تكفرونهم اليوم وتستحلون دماءهم وأموالهم عقائدهم عقائد أهل السنة والجماعة - الفرقة الناجية ، جعلنا الله منهم - . [ القدرية ومذاهبهم ] ثم خرجت بدعة القدرية ، وذلك في آخر زمن الصحابة ، وذلك أن القدرية فرقتان :