المسلمين على وجوب الزكاة ، فقد عرفها الخاص والعام ، واشترك فيها العالم والجاهل ، فلا يعذر منكره . وكذلك الأمر في كل من أنكر شيئا مما اجتمعت عليه الأمة من أمور الدين - إذا كان علمه منتشرا - كالصلوات الخمس ، وصوم شهر رمضان ، والاغتسال من الجنابة ، وتحريم الربا والخمر ونكاح المحارم ، ونحوها من الأحكام ، إلا أن يكون رجلا حديث عهد بالإسلام ، ولا يعرف حدوده ، فإنه إن أنكر شيئا منها جاهلا به لم يكفر ، وكان سبيله سبيل أولئك القوم في بقاء الاسم عليه . فأما ما كان الإجماع معلوما فيه من طريق علم الخاصة ، كتحريم نكاح المرأة على عمتها وخالتها ، وأن القاتل عمدا لا يرث ، وأن للجد السدس ، وما أشبه ذلك من الأحكام ، فإن من أنكرها لا يكفر ، بل يعذر فيها ، لعدم استفاضة علمها في العامة ، إنتهى كلام الخطابي . وقال صاحب ( المفهم ) : قال أبو إسحاق : لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ارتدت العرب ، إلا أهل ثلاثة مساجد : مسجد المدينة : ومسجد مكة : ومسجد جواثا ، إنتهى . فهذا شئ مما ذكره بعض أهل العلم في أخبار الردة ، وتفاصيلها يطول . ولكن قد تقدم أن مثلكم أو من هو أجل منكم لا يجوز له الاستنباط ، ولا القياس ، ولا يجوز لأحد أن يقلده ، بل يجب على من لم يبلغ رتبة المجتهدين أن يقلدهم ، وذلك الإجماع . ولكن ليكن عندكم معلوما أن من خرج عن طاعة أبي بكر الصديق في زمانه فقد خرج عن الإجماع القطعي ، لأنه ومن معه هم أهل العلم ، وأهل الإسلام ، وهم المهاجرون والأنصار الذين اثنى الله عليهم في كتابه ، وإمامة أبي بكر إمامة حق ، جميع شروط الإمامة مجتمعة فيه ! ؟