وهذا خلاف زعمكم . وإن اليوم - عندكم - الذين دعا لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم كفار ! والذين أبى أن يدعو لهم ، وأخبر أن منها يطلع قرن الشيطان ، وأن منها الفتن هي بلاد الإيمان ، تجب الهجرة إليها . وهذا بين واضح من الأحاديث إن شاء الله . فصل ومما يدل على بطلان مذهبكم : ما في الصحيحين [1] عن عقبة بن عامر ، أن النبي صلى الله عليه وسلم صعد المنبر فقال : إني لست أخشى عليكم أن تشركوا بعدي ، ولكن أخشى عليكم الدنيا أن تنافسوا فيها ، فتقتلوا فتهلكوا كما هلك من كان قبلكم . قال عقبة : فكان آخر ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر ، إنتهى . وجه الدلالة منه : أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بجميع ما يقع على أمته ومنهم إلى يوم القيامة ، كما كرر في أحاديث أخر ، ليس هذا موضعها . ومما أخبر به هذا الحديث الصحيح : أنه أمن أن أمته تعبد الأوثان ، ولم يخافه عليهم ، وأخبرهم بذلك . وأما الذي يخافه عليهم ، فأخبرهم به ، وحذرهم منه ، ومع هذا فوقع ما خافه عليهم . وهذا خلاف مذهبكم .
[1] صحيح البخاري : 4 / 1486 ح 3816 كتاب المغازي ، 5 / 2408 ح 6218 ح 6218 كتاب الرقاق ، السنن الكبري للبيهقي : 4 / 14 .