فإن أمته - على قولكم - عبدوا الأصنام كلهم ، وملأت الأوثان بلادهم . إلا إن كان أحد في أطراف الأرض ما يلحق له خبر . وإلا ، فمن أطراف الشرق إلى أطراف الغرب إلى الروم إلى اليمن ، كل هذا ممتلئ مما زعمتم أنه الأصنام . وقلتم : من لم يكفر من فعل هذه الأمور والأفعال فهو كافر . ومعلوم أن المسلمين كلهم أجروا الإسلام على من انتسب إليه ، ولم يكفروا من فعل هذا . فعلى قولكم جميع بلاد الإسلام كفار إلا بلدكم ! والعجب أن هذا ما حدث في بلدكم إلا من قريب عشر سنين ! فبان بهذا الحديث خطؤكم ، والحمد لله رب العالمين . فإن قلت : ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال [1] : أخوف ما أخاف على أمتي الشرك [2] . قلت : هذا حق ، وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم لا تتعارض ، ولكن كل حديث ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم [3] أنه يخاف على أمته الشرك ، قيده بالشرك الأصغر ، كحديث شداد ابن أوس ، وحديث أبي هريرة ، وحديث محمود ابن لبيد ، فكلها مقيدة ومبينة أن ما خاف رسول الله صلى الله عليه وسلم منه على أمته الشرك الأصغر . وكذلك وقع ، فإنه ملأ الأرض ، كما أنه خاف عليهم الافتتان والقتال على
[1] مجمع الزوائد : 3 / 201 . [2] ظاهر الحديث أن ما خافه الرسول صلى الله عليه وسلم هو الشرك الموجود عند غيرهم أن يفتنهم أو يجتاحهم ، فالمخوف منه هو المشركون المعادون لله ولرسوله وللمسلمين ، وهم الذين يحاربون الله ورسوله ، ولو كانوا يتلبسون باسم الإسلام ، فليلاحظ . [3] مجمع الزوائد : 3 / 201 .