نام کتاب : عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 309
قالوا : فهذا خبر واحد وكلام متصل ذكره بشارة لهم عندما ذكروا مساواة الأغنياء لهم في القول المذكور فأشبه أن يرجع الفضل إلى سبق الفقراء للأغنياء وأنهم بهذه البشارة مخصصون فكان السبق لهم دون غيرهم وان ساووهم في القول وساووهم في الانفاق بالنية كما في حديث أبي كبشة المتقدم ، وحصلت لهم مزية الفقراء . قالت الأغنياء : لقد بالغتم في صرف الحديث عن مقصوده إلى جهتكم وهو صريح في تفضيل هذا الحديث لمن أنصف فان قوله : ( ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ) خرج جواباً للفقراء عن قولهم أن أهل الدثور قد ساووهم في الذكر كما ساووهم في الصلاة والصوم والايمان وبقيت مزية الانفاق ولم يحصل لهم ما يلحقهم فيها وما علمتنا من الذكر قد لحقونا فيه فقال لهم حينئذ : ( ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ) وهذا صريح جداً في مقصوده فلما انكسر القوم بتحقيق السبق بالانفاق الذي عجزوا عنه أخبرهم بالبشارة بالسبق إلى دخول الجنة بنصف يوم وأن هذا السبق في مقابلة ما فاتكم من فضيلة الغنى والانفاق ولكن لا يلزم من ذلك رفعتهم عليهم في المنزلة والدرجة فهؤلاء السبعون ألف الذين يدخلون الجنة بغير حساب من الموقوفين للحساب من هو أفضل من أكثرهم وأعلى منه درجة . قالوا : وقد سمى الله سبحانه المال خيراً في غير موضع من كتابه كقوله تعالى : ( كُتِبَ عَليكُم إِذا حَضَرَ أَحَدُكُم المَوت ان ترك خيرا الوصية ) وقوله : ( وإِنَهُ لِحُبِ الخَيرِ لَشَديد ) وأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الخير لا يأتي إلا بالخير كما تقدم وانما يأتي بالشر معصية الله في الخير لا نفسه وأعلم الله سبحانه أنه جعل المال قواماً للأنفس وأمر بحفظه ونهى أن يأتي السفهاء من النساء والأولاد وغيرهم ومدحه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : ( نعم المال الصالح مع المرء الصالح ) .
309
نام کتاب : عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 309