نام کتاب : عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 301
وسادات الفريقين الذين تسابقوا إلى الله والدار الآخرة بايمانهم وأحوالهم ونافسوا في القرب منه بأعمالهم وأموالهم فقلوبهم عاكفة عليه وهمتهم إلى المسابقة إليه ينظر غنيهم إلى فقيرهم فإذا رآه قد سبقه إلى عمل صالح شمر إلى اللحاق به وينظر فقيرهم إلى غنيهم فإذا رآه قد فاته بانفاق في طاعة الله أنفق هو من أعماله وأقواله وصبره وزهده نظير ذلك أو أكثر منه فهؤلاء اخواننا الذين تكلم الناس في التفضيل بينهم وأيهم أعلى درجة وأما أولئك فإنما ينظر أيهم تحت الآخر في العذاب وأسفل منه والله المستعان . إذا عرف هذا فقد مدح الله سبحانه في كتابه أعمالاً وأثنى على أصحابها ولا تحصل إلا بالغنى كالزكاة والانفاق في وجوه البر والجهاد في سبيل الله بالمال وتجهيز الغزاة وإعانة المحاويج وفك الرقاب والاطعام في زمن المسبغة . وأين يقع صبر الفقير من فرحه الملهوف المضطر المشرف على الهلاك إذا أعانه الغني ونصره على فقره ومخمصته ؟ وأين يقع صبره من نفع الغني بماله في نصرة دين الله وإعلامه كلمته وكسر أعدائه ؟ . وأين يقع صبره أبي ذر على فقره إلى شكر الصديق وشرائه المعذبين في الله واعتاقهم وانفاقه على نصرة الاسلام حين قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ما نفعني مال أحد ما نفعني مال أبي بكر ) ؟ . وأين يقع صبر أهل الصفة من انفاق عثمان بن عفان تلك النفقات العظيمة التي قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعضها : ( ما ضر عثمان ما فعل بعد اليوم ثم قال : غفر الله لك يا عثمان ما أسررت وما أعلنت وما أخفيت وما أبديت ) أو كما قال .
301
نام کتاب : عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 301