نام کتاب : عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 298
وطغيانه وأرسلها في ميادين شهواتها كانت الدنيا جنة له فإنما نال الفضل بتشبهه بالفقير الذي هو في سجن فقره . قالوا : وقد ذم الله ورسوله من عجلت له طيباته في الحياة الدنيا وأنه لحرى أتن يكون عوضا عن طيبات الآخرة أو منقصة لها ولا بد كما تقدم بيانه بخلاف من استكمل طيباته في الآخرة لما منع منها في الدنيا وأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بسويق لوز فأبى أن يشربه وقال : ( هذا شراب المترفين ) . قالوا : وقد سئل الحسن البصري فقيل له : رجلان أحدهما تارك للدنيا والآخر يكتسبها ويتصدق بها فقال : التارك لها أحب إلي . قالوا : وقد سئل المسيح قبله عن هذه المسألة عن رجلين مر أحدهما بلبنة ذهب فتخطاها ولم يلتفت إليها ومر بها الآخر فأخذها وتصدق بها فقال : ( الذي لم يلتفت إليها أفضل ) ويدل على هذا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بها ولم يلتفت إليها ولو أخذها لأنفقها في سبيل الله . قالوا : والفقير الفقيه وفي فقره يمكنه لحاق الغني في جميع ما ناله بغناه بنيته وقوله : ( فيساويه في أجره ويتميز عنه بعدم الحساب ) بعدم المال فساواه بثوابه وتخلص من حسابه كما تميز عنه بسبقه إلى الجنة بخمسمائة عام وتميز عنه بثواب صبره على ألم الفقر وخصاصته . قال الإمام أحمد : حدثنا عبادة بن مسلم حدثني يونس بن خباب عن أبي البحتري الطائي عن أبي كبشة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( ثلاث أقسم عليهن وأحدثكم حديثاً فاحفظوه : فأما الثلاث التي أقسم عليهن : فإنه ما نقص مال عبد من صدقة ولا ظلم عبد مظلمة فصبر عليها إلا زاده الله عز وجل بها عزاً ولا يفتح عبد باب مسألة إلا فتح الله له باب وأما الذي أحدثكم حديثاً فاحفظوه فإنه قال : إنما الدنيا لأربعة نفر : عبد رزقه الله مالاً وعلماً فهو يتقي فيه ربه ويصل فيه رحمه يعلم فيه لله حقاً فهذا أفضل المنازل عند الله وعبد رزقه الله علماً ولم يرزقه مالاً فهو يقول : لو كان لي مال عملت فيه بعمل فلان قال : فأجرهما سواء وعبد رزقه الله مالاً ولم يرزقه علماً فهو
298
نام کتاب : عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 298