نام کتاب : عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 297
قالوا : وكذلك استقرت حكمته في شرعه على أن عقوبة الواجد أعظم من عقوبة الفاقد فهذا الزاني المحصن عقوبته الرجم وعقوبة من لم يحصن الجلد والتغريب وهكذا يكون ثواب الفاقد أعظم من ثواب الواجد . قالوا : وكيف يستوي عند الله سبحانه ذلة الفقرة وكسرته وخضوعه وتجرع مرارته وتحمل أعبائه ومشاقه وعزة الغني ولذته وصولته والتمتع بلذاته ومباشرة حلاوته فبعين الله ما يتحمل الفقراء من مرارة فقرهم وصبرهم ورضاهم به عن الله ربهم تبارك وتعالى وأين أجر مشقة المجاهدين إلى أجر عباده القاعدين في الأمن والدعة والراحة ؟ . قالوا : وكيف يستوي أمران : أحدهما حفت به الجنة والثاني حفت به النار فان أصل الشهوات من قبل المال ، وأصل المكاره من قبل الفقر . قالوا : والفقير لا ينفك في خصاصة من مضض الفقر والجوع والعرى والحاجة وآلام الفقر وكل واحد منهما يكفر ما يقاومه من السيئات وذلك زيادة على أجره بأعمال البر فقد شارك الأغنياء بأعمال البر وامتاز عنهم بما يكفر سيئاته وما امتازوا به عليه من الانفاق والصدقة والنفع المتعدي فله سبيل إلى لحاقهم فيه وله مثل أجورهم وهو أن يعلم الله من نيته أنه لو أوتي مثل ما أوتوه لفعل كما يفعلون فيقول : لو أن لي مالاً لعملت بأعمالهم فهو بنيته وأجرهم سواء كما أخبر به الصادق المصدوق في الحديث الصحيح الذي رواه الإمام أحمد والترمذي من حديث أبي كبشة الأنماري . قالوا : والفقير في الدنيا بمنزلة المسجون إذ هو ممنوع عن الوصول إلى شهواته وملاذها والغنى متخلص من هذا السجن وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر ) فالغنى ان لم بسجن نفسه عن دواعي الغنى
297
نام کتاب : عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 297