نام کتاب : عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 296
قالوا : وإذا كان هذا شأنها ، فالتقلل منها ، والزهد فيها ، خير من الاستكثار منها والرغبة فيها . قالوا : ومن المعلوم أنه لا تجتمع الرغبة فيها مع الرغبة في الله والدار الآخرة أبداً ولا تسكن هاتان الرغبتان في مكان واحد إلا وطردت إحداهما الأخرى واستبدت بالمسكن ولا تجتمع بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وبنت عدو الله عند رجل واحد أبداً . قالوا : ومن المعلوم أنه لا تجتمع الرغبة فيها مع الرغبة في الله والدار الآخرة أبدا ولا تسكن هاتان الرغبتان في مكان واحد إلا وطردت إحداهما الأخرى واستبدت بالمسكن ولا تجتمع بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وبنت عدو الله عند رجل واحد أبداً . قالوا : ويكفي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عرضت عليه مفاتيح كنوزها ولو أخذها لكان أشكر خلق الله بها ولم تنقصه مما له عند الله شيئاً فاختار جوع يوم وشبع يوم ومات ودرعه مرهونة على طعام لأهله كما تقدم ذكره . قالوا : وقد انقسم الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة أقسام : قسم لم يريدوا الدنيا ولم تردهم كالصديق ومن سلك سبيله وقسم أرادتهم الدنيا ولم يريدوها كعمر بن الخطاب ومن سلك سبيله وقسم أرادوا الدنيا وأرادتهم كخلفاء بني أمية ومن سلك سبيلهم حاشا عمر بن عبد العزيز فإنها أرادته ولم يردها وقسم أرادوها ولم تردهم كمن أفقر الله منها يده وأسكنها في قلبه وامتحنه بجمعها ولا يخفى أن خير الأقسام القسم الأول والثاني انما فضل لأنه لم يردها ، فالتحق بالأول . قالوا : وقد سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يدله على عمل إذا فعله أحبه الله وأحبه الناس فقال له : ( إِزهَد في الدُنيا يُحِبُكَ اللَهُ واَزهَد في ما في أيدي الناس يُحِبُكَ الناس ) فلو كان الغنى أفضل لدله عليه . قالوا : وقد شرع الله سبحانه قتال الكفار وشرع الكف عن الرهبان لاعتزالهم عن الدنيا وزهدهم فيها فمضت السنة بأن لا يقاتلوا ولا يضرب عليهم جزية هذا وهم أعداؤه وأعداء رسله ودينه فعلم أن الزهد فيها عند الله بمكان .
296
نام کتاب : عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين نویسنده : ابن قيم الجوزية جلد : 1 صفحه : 296