نام کتاب : شفاء السقام نویسنده : السبكي جلد : 1 صفحه : 332
وهذا أمر لا يحصره إلا الله تعالى ، ويقصر العقل عن كنه حقيقته ، فكيف إذا أخذ مع كثرة الصحابة ، وكثرة التابعين ، وكثرة المسلمين في كل عصر ! ! فكل واحد من الصحابة يحصل له بعدد الأجور التي يترتب على فعله إلى يوم القيامة ، وكل ما يحصل لجميع الصحابة حاصل بجملته للنبي صلى الله عليه وآله وسلم . وبهذا يظهر رجحان السلف على الخلف ، فإنه كلما ازداد الخلف ازداد أجر السلف ، وتضاعف بالطريق الذي نبهنا عليه . ومن تأمل هذا المعنى ، ورزق التوفيق ، انبعثت همته إلى التعليم ، ورغب في نشره ، ليتضاعف أجره في حياته وبعد موته على الدوام ، ويكف عن إحداث البدع والمظالم من المكوس وغيرها ، فإنها تضاعف عليه بالطريق التي ذكرناها ما دام يعمل بهذا ، فليتأمل المسلم هذا المعنى ، وسعادة الهادي إلى الخير ، وشقاوة الداعي إلى الشر . الثالث : أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم شهيد ، فإنه صلى الله عليه وآله وسلم لما سم بخيبر ، وأكل من الشاة المسمومة ، وكان ذلك سما قاتلا من ساعته ، مات منه بشر بن البراء رضي الله عنه ، وبقي النبي صلى الله عليه وآله وسلم وذلك معجزة في حقه ، صار ألم السم يتعاهده إلى أن مات به صلى الله عليه وآله وسلم [ وقال ] في مرضه الذي مات فيه : ( ما زالت أكلة خيبر تعاودني حتى كان الآن أوان قطعت أبهري ) . قال العلماء : فجمع الله له بذلك بين النبوة والشهادة . وتكون الحياة الثابتة للشهداء لا تختص بمن قتل في المعركة ، فإنا إنما اشترطنا ذلك في الأحكام الدنيوية ، كالغسل ، والصلاة ، أما الآخرة فلا ، وهذا لا شك فيه بالنسبة إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم . وأما غيره وغير شهداء المعركة ، ممن شهد له الشرع بالشهادة ، كالمطعون ، والمبطون ، والغريق ، ونحوهم ، فهل نقول : إن الحياة الثابتة للمقتولين في سبيل الله
332
نام کتاب : شفاء السقام نویسنده : السبكي جلد : 1 صفحه : 332