نام کتاب : شفاء السقام نویسنده : السبكي جلد : 1 صفحه : 197
ذلك ، أم لا ؟ فإن مقتضى قولكم باستحبابها أن يلزم بالنذر . قلت : نعم ، نقول بانعقاد نذره ، ولزوم الزيارة به ، وبه صرح القاضي ابن كج من أصحابنا ، ولم نر لغيره من الأصحاب خلافه ، وقد قدمنا في الباب الرابع عن العبدي المالكي لزومه ، على أنه لا يلزم أن كل مستحب أو قربة يلزم بالنذر ، فإن القربات نوعان : أحدهما : قربة لم توضع لتكون عبادة ، وإنما هي أعمال وأخلاق مستحسنة ، رغب الشارع فيها لعموم فائدتها ، وقد يبتغي فيها وجه الله تعالى فينال الثواب ، كعيادة المرضى ، وزيارة القادمين ، وإفشاء السلام ، وما أشبه ذلك . فهذا النوع في لزومه بالنذر وجهان ، أصحهما اللزوم ، لقوله صلى الله عليه وآله وسلم : ( من نذر أن يطيع الله فليطعه ) ومن هذا النوع تشييع الجنائز ، وتشميت العاطس . والنوع الثاني : في العبادات المقصودة ، وهي التي وضعت للتقرب بها ، وعرف من الشرع الاهتمام بتكليف الخلق بإيقاعها عبادة ، كالصلاة ، والصوم ، والصدقة ، والحج ، فهذا النوع يلزم بالنذر بالإجماع إلا فيما يستثنى . ومنهم من يعبر عن النوع الأول ب ( ما لم يوجبه الشرع ابتداء ) وعن الثاني ب ( ما أوجبه ) وأدرجوا الاعتكاف في النوع الثاني وإن كان لم يجب ابتداء ، وقالوا : الاعتكاف لبث في مكان مخصوص ، ومن جنسه ما هو واجب شرعا ، وهو الوقوف بعرفات . وجعلوا من النوع الأول تجديد الوضوء ، فإنه ليس في الشرع وضوء واجب بغير حدث ، وليس الوضوء مقصودا لنفسه ، بل للصلاة ، والأصح لزوم تجديده بالنذر .
197
نام کتاب : شفاء السقام نویسنده : السبكي جلد : 1 صفحه : 197