بسم الله الرحمن الرحيم كلمة المؤسسة بين يدي الحقيقة :
إنَّ بين يدي الحقيقةِ مسافاتٍ من الشوق تستهوي عشّاق النُّور ، فينطلقون نحوها يبتغونَ فضلاً من الله ورضواناً .
على أنَّ هذه المسافات دربٌ ملؤه منعطفاتٌ وظروفٌ لا يُحسنُ خوضها إلا مَنْ أُوتي حظاً مِنْ قلبٍ صبور ، ونصيباً من عقلٍ شجاع . .
وإنَّ هذا السَّفر المضني لحقيق بأنْ يكسرَ أشرعةً لم تُعدّ حقَّ الإعداد لهكذا مشوار عصيب . إذنْ ؛ لِيُهيِّئْ عُشّاقُ النُّور ومسافرو هذا الدرب ما يعينهم على خوض الغمار وإتمام المسير ، حتى لا تنكسر أشرعتُهم في وسط البحر المصطَفِق . .
وهذا المشوار - وإنْ كُنَّا وسمناه ب « مسافات الشوق » - فإنَّه مشوارٌ للعقلِ والعلم ، لامكان فيه لإعمال المشاعر القلبية ، وإيحاءات الميول العاطفية . وذلك أمرٌ غنيٌّ عن البيان حيث الكلام عن طلب الحقيقة والتعرّف عليها ، وهو أجلى وأوضح حيث الكلام عن تيارات الفرق الإسلامية ، وحيث البحث عن تمييزِ المحُقّ من المبُطل . .
وقد يكون من نافلة القول أنْ نتحدَّث عمّا يتّصل بالحقيقة والوصول إليها وما يتطلبه ذلك من أدوات ، ذلك أننّا بين يدي مثال حيٍّ لذلك كلِّه ؛ هو هذا الكتاب « المنهج الجديد والصحيح في الحوار مع الوهّابيين » ، فمن المناسب إذنْ أنْ نستلهم حديثنا المقتضب مِنْ غُضُونه ، ونستقرئ أطراف الحديث من طيات صحائفه . . .