تحزيب السُّور وكراهة القراءة بأواخر السُّور وأوساطها ( إذا كانت التجزئة بالحروف محدثة من عهد الحجاج بالعراق ؛ فمعلوم أن الصحابة قبل ذلك على عهد النبي ( ص ) وبعده كان لهم تحزيب آخر ؛ فإنهم كانوا يقدرون تارة بالآيات ، فيقولون : خمسون آية ، ستون آية . وتارة بالسور ، لكن تسبيعه بالآيات لم يروه أحد ولا ذكره أحد ؛ فتعين التحزيب بالسور . فإن قيل : فترتيب سور القرآن ليس هو أمراً واجباً منصوصاً عليه ، وإنما هو موكول إلى الناس ، ولهذا اختلف ترتيب مصاحف الصحابة رضي الله عنهم ، ولهذا في كراهة تنكيس السور روايتان عن الإمام أحمد : إحداهما : يُكره لأنه خلاف المصحف العثماني المتفق عليه . والثانية : لا يُكره كما يلقنه الصبيان ؛ إذ قد ثبت عن النبي ( ص ) أنه قرأ بالبقرة ثم النساء ثم آل عمران . قيل : لا ريب أن قراءة سورة بعد سورة لا بد أن يكون مرتباً ، أكثر ما في الباب أن الترتيب يكون أنواعاً ، كما أنزل القرآن على أحرف ، وعلى هذا ؛ فهذا التحزيب يكون تابعاً لهذا الترتيب ، ويجوز أيضاً أن يكون هذا التحزيب مع كل ترتيب ، فإنه ليس في الحديث تعيين السور . وهذا الذي كان عليه الصحابة هو الأحسن ؛ لوجوه : أحدها : أن هذه التحزيبات المحدثة تتضمن دائماً الوقوف على بعض الكلام المتصل بما بعده ، حتى يتضمن الوقف على المعطوف دون المعطوف عليه ، فيحصل القارئ في اليوم الثاني مبتدئاً بمعطوف ؛ كقوله تعالى : { والمُحْصَناتِ مِنَ النِّساءِ إلاَّ ما مَلَكَتْ أيْمانُكُمْ } [1] ، وقوله : { وَمَنْ يَقْنُتْ